شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_بدأت الحكومة الفيدرالية في بلجيكا تنفيذ أحد أكثر الإصلاحات الاجتماعية إثارةً للجدل في السنوات الأخيرة، والمتمثل في إصلاح نظام البطالة الذي يقضي بإنهاء استحقاقات آلاف العاطلين عن العمل بعد عامين فقط من عدم النشاط.
وبحسب الجدول الزمني الذي اعتمدته السلطات، سيُرسل إلى كل مستفيد متأثر بالقرار إشعار رسمي بحلول عام 2027، في خطوة وصفتها النقابات بـ”الصدمة الاجتماعية الكبرى”، لما تحمله من تداعيات على الفئات الهشة في المجتمع.
ويحسب “RTL”، يتزامن دخول هذا الإصلاح حيز التنفيذ مع تصاعد موجة الاحتجاجات الاجتماعية في شوارع بروكسل وعدد من المدن الكبرى، حيث خرجت النقابات العمالية وجمعيات الدفاع عن الحقوق الاجتماعية للتنديد بالإجراء الذي تعتبره “غير إنساني”، لأنه يُقصي فئات من العاطلين دون الأخذ بعين الاعتبار واقع سوق العمل وتفاوت الفرص بين المناطق.
وترى الحكومة، في المقابل، أن هذا التعديل ضروري لإعادة التوازن إلى سوق العمل وتشجيع العاطلين على الاندماج المهني مجددًا.
الإصلاح الجديد يعتمد آلية تدريجية تمتد على ست دفعات من الإخطارات، تُوجَّه تباعًا إلى فئات مختلفة من المستفيدين، وتهدف هذه العملية إلى بلوغ الهدف النهائي في عام 2027، وهو ألا تتجاوز مدة أي عاطل عن العمل سنتين متتاليتين من دون نشاط مهني.
بدأت الموجة الأولى من إرسال الرسائل الشهر الماضي، واستهدفت الشباب الباحثين عن عمل الذين لم يسبق لهم العمل، والذين يتلقون إعانات الاندماج لأكثر من عام، إضافةً إلى الأشخاص الذين تجاوزت فترة بطالتهم العشرين عامًا وهم في مرحلة الاستحقاق الثالثة. هذه الفئة تلقّت تحذيرًا واضحًا من أنه اعتبارًا من 1 يناير 2026، سيتم وقف إعاناتهم نهائيًا.
أما الموجة الثانية، فقد انطلقت أمس، ووجهت إلى العاطلين عن العمل الذين تراكمت لديهم مدة تتراوح بين 8 و20 عامًا من البطالة التامة، مع إشعار بانتهاء إعاناتهم في مارس 2026، فيما ستُرسل الموجة الثالثة منتصف نوفمبر المقبل، وستشمل من هم في الاستحقاق الثالث لكنهم أمضوا أقل من ثماني سنوات من البطالة، لتنتهي إعاناتهم في أبريل 2026.
وسيتواصل تنفيذ الخطة عبر الموجة الرابعة، التي ستستهدف العاطلين عن العمل في فترة الاستحقاق الثانية وتنتهي إعاناتهم في يوليو 2026، تليها موجتان خامسة وسادسة تشملان المتبقين من العاطلين بحلول نهاية عامي 2026 و2027.
هذا الجدول الزمني يترجم ما وصفته وزارة العمل بـ”التحول الهيكلي العميق في فلسفة نظام البطالة”، حيث لن يُسمح بعد الآن باستمرار الاستحقاقات لما يتجاوز السنتين.
ويُركّز الإصلاح في مراحله الأولى على الفئة الأكثر بقاءً في البطالة طويلة الأمد، قبل أن يمتد تدريجيًا ليشمل العاطلين الجدد ابتداءً من عام 2027.
وتُعدّ فترة الاستحقاق الثالثة محورًا أساسيًا في هذا الإصلاح، إذ تمثل المرحلة التي يبلغ فيها مبلغ إعانات البطالة أدنى مستوياته، في النظام البلجيكي، تتناقص قيمة الإعانات تدريجيًا من الفترة الأولى إلى الثالثة كلما طالت مدة البطالة، ما يجعل هذه الفئة تحديدًا أكثر عرضة لتأثير القرار.
من جانبها، ترى النقابات العمالية أن هذا الإصلاح يتجاهل الواقع الميداني لسوق العمل البلجيكي، حيث ما زالت نسبة البطالة مرتفعة في بعض المناطق، خصوصًا في والونيا وبروكسل، وتعتبر أن تحميل العاطلين المسؤولية دون توفير فرص عمل كافية يُشكّل “خللًا أخلاقيًا واقتصاديًا”.
وقد دعا قادة النقابات إلى تعليق فوري للإجراء وإطلاق حوار وطني واسع حول بدائل أكثر توازنًا، مثل تعزيز التكوين المهني ودعم القطاعات القادرة على استيعاب اليد العاملة.
أما الحكومة، فترى في الإجراء خطوة إصلاحية تهدف إلى تحفيز العودة إلى العمل وتقليل الاعتماد على الإعانات، مؤكدة أن النظام الحالي أصبح مكلفًا وغير قابل للاستمرار. وتؤكد وزارة العمل أن الإصلاح سيُرافق بسياسات إدماج جديدة، تشمل تكوينات مهنية إجبارية، ومتابعة دقيقة للمستفيدين، مع التركيز على فئة الشباب الباحثين عن أول وظيفة.
وكالات
