قرية انصار : لماذا نزيل اداة الجريمة بايدينا

Read Time:2 Minute, 0 Second

ابراهيم عطا :كاتب فلسطيني

خلال زيارتي الاخيرة الى بلدي الثاني لبنان قمت بجولة مع العائلة في مناطق الجنوب، ومن بين الاماكن التي كنت ارغب بزيارتها قرية انصار التي اقام الصهاينة على ارضها معسكرا للاعتقال بعد اجتياحهم للبنان عام ١٩٨٢ ، وقد حمل المعتقل نفس اسم القرية، وكنت ارغب برؤية ذلك المكان الذي لم اره منذ اطلاق سراحي قبل اكثر من خمسة وثلاثين سنة، اي عندما كنت في السابعة عشرة من عمري…واحببت ايضا ان اريه لاولادي كي يشاهدوا عن قرب ما فعله بنا اليهود في المعتقلات التي اخذوا فكرتها من جلاديهم النازيين في بلدان اقامتهم الاصلية في اوروبا قبل ان يهاجروا الى فلسطين بحثا عن الامان وهربا من القتل والاضطهاد…
وبعد جولة لنا في مدينة صور و زيارة لمخيم البرج الشمالي للاجئين الفلسطينيين (مسقط راسي)، توجهنا بطريق عودتنا الى قرية انصار التي وصلناها بعد الغروب، وكان المكان يختلف كليا عن المكان الذي كنت احتفظ به في ذاكرتي، فالمنطقة تحولت كلها الى مباني ومحلات تجارية بعد ان كانت ارض شبه قاحلة، فصرت انظر بكل الاتجاهات بحثا عن علامة ما او لافتة ترشدني الى موقع ذلك المعتقل الكبير المحاط بالاسلاك الشائكة والمليء بالخيام المكتظة بالمعتقلين من الفلسطينيين واللبنانيين، فلم اجد اي دليل على وجوده…
عندها قمت بركن السيارة امام محل للمواد الغذائية لشراء العصير والاستفسار من البائع عن مكان المعتقل، فكانت المفاجأة بل الصعقة بالنسبة لي عندما اخبرني انه لم يعد له اثر لان الملاك و اصحاب الارض استخدموها لبناء العمارات السكنية والاسواق التجارية وغيرها…
حزنت كثيرا ليس فقط لانني لم اتمكن من رؤية مكان اعتقالي السابق او اريه لابنائي، انما لان اداة الجريمة قد مسحت عن بكرة ابيها، ومن المؤكد ان من قام بهذا قد حقق، ولو عن غير قصد، رغبة العدو الاسرائيلي بتدمير كل ما يدين اعمالهم الاجرامية، وقد راينا كيف قاموا بقصف معتقل الخيام لمحو اثار جرائم التعذيب البشعة التي كانوا يمارسونها هناك…
وشعرت بالإحباط اكثر لاني تذكرت كيف يحافظون هم على المعتقلات النازية في اوروبا، مثل معسكر اوشفيتز الشهير في بولندا وغيره، وتحويلها الى مزارات ومتاحف كي يذكروا العالم كله بمعاناتهم، ولا يتوانون عن المبالغة بعدد الضحايا وتضخيم الاحداث لاثارة تعاطف الدول والشعوب معهم…
ونتساءل كم واحد منا سمع عن معسكر اوشفيتس الذي اقامه النازيون لاعتقال اليهود وربما زاره ايضا، ولكنه لم يسمع ابدا عن معتقل انصار الذي اقامه الصهاينة في لبنان او المعتقلات الكثيرة الموجودة على الاراضي الفلسطينية …
وفي يوم الاسير الفلسطيني نتوجه بالتحية للاسرى والمعتقلين من رجال ونساء واطفال في سجون الاحتلال الاسرائيلي، وكل التقدير لهؤلاء الابطال الذين يدافعون عما تبقى من شرف وكرامة للامة العربية والامة والاسلامية.

Happy
Happy
0 %
Sad
Sad
0 %
Excited
Excited
0 %
Sleepy
Sleepy
0 %
Angry
Angry
0 %
Surprise
Surprise
0 %

Average Rating

5 Star
0%
4 Star
0%
3 Star
0%
2 Star
0%
1 Star
0%

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

AlphaOmega Captcha Classica  –  Enter Security Code
     
 

Previous post حاجةُ الفلسطينيين إلى وزارةٍ جامعةٍ وحكومةٍ راشدةٍ
Next post أوروبا تأكل نفسها