سٌبل العلاقات بين دولة الإمارات العربية والاتحاد الأوروبي،الأمن السيراني ومكافحة الجريمة
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_تتوافق الرؤى بين دولة الإمارات العربية المتحدة والاتحاد الأوروبي في عدة قضايا سياسية واقتصادية، ما نتج عنها اتفاقيات تعاون مشتركة في هذه المجالات، وسرعان ما تطورت العلاقات بينهما لتشمل التعاون في مجالات التقدم التكنولوجي والذكاء الاصطناعي، كونها القطاعات الأكثر تطوراً في العالم الآن، ومع تزايد التحديات الأمنية اهتم الجانبان بالأمن السيبراني وتطوير وسائل مكافحة الجريمة المنظمة، ما يؤكد على انتهاج الإمارات والدول الأعضاء في التكتل الأوروبي على سياسات واحدة تستهدف الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين.
أوجه التعاون بين الإمارات والاتحاد الأوروبي
حرصت الإمارات والاتحاد الأوروبي على عقد لقاءات مشتركة لتعزيز أوجه التعاون المشترك بينهما، وفي 17 مايو 2023 ناقش نائب رئيس مجلس الوزراء وزير خارجية الإمارات الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، مع مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، المخاوف والمصالح المشتركة المتعلقة بالاستثمار والتجارة وتغير المناخ والتنوع الاقتصادي والتحول في مجال الطاقة، في إطار العلاقات الثنائية المتميزة بين دولة الإمارات العربية والاتحاد الأوروبي. وتطرق الاجتماع إلى أهمية قيام المجتمع الدولي بحماية النظام العالمي المتعدد الأطراف القائم على القواعد واحترام ميثاق الأمم المتحدة.
بحث سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، مع رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي شارل ميشيل في 30 أغسطس 2024، سبل تنمية العلاقات وتوسيع آفاقها على جميع المستويات. وتناول اللقاء قمة مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي المقرر إقامتها في أكتوبر 2024 ودورها في تعزيز التعاون بين الجانبين في الوقت الحالي، إضافة إلى مستجدات الوضع بالشرق الأوسط ودعم دعوات خفض التوتر والدفع نحو السلام القائم على حل الدولتين.
وأشاد شارل ميشيل بمواقف الإمارات الداعمة للعمل الخليجي – الأوروبي، ودورها الإنساني في قطاع غزة، مشدداً على حرص التكتل الأوروبي للتنسيق الدائم مع الإمارات في القضايا ذات الاهتمام المشترك. تجدد اللقاء بين نائب رئيس مجلس الوزراء وزير خارجية الإمارات الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، مع مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، في 17 سبتمبر 2024، للتأكيد على أهمية التعاون لتحقيق التنمية الشاملة المستدامة على المستويين الإقليمي والدولي، والعمل سوياً لتعزيز السلام والاستقرار بالمنطقة في ظل التصعيد الراهن.أمن دولي ـ دولة الإمارات العربية، تحولات في موازين القوى
التعاون في مكافحة الجريمة المنظمة
تولي الإمارات والاتحاد الأوروبي أهمية لتعزيز طرق مكافحة الجريمة المنظمة، لذا تتلاقى السياسات معاً في هذا المجال، وفي 2 يوليو 2024 انعقد الحوار الهيكلي الـ (6) بين الاتحاد الأوروبي ودولة الإمارات العربية المتحدة بشأن مكافحة تمويل الإرهاب وغسل الأموال. وأكد الاجتماع على التعاون المستمر في مكافحة قضايا الجرائم المالية العالمية وتعزيز التعاون الدولي، في ضوء التحديات الحالية في هذا المجال، بجانب تطوير الاستراتيجيات للتخفيف من المخاطر الناشئة، والالتزام سوياً لحماية سلامة أنظمتهما المالية والحفاظ على المعايير العالمية في هذا الصدد، خاصة وأن الإمارات تتبوأ مكانة متقدمة في الابتكار والاستثمار واتخاذ التدابير في التصدي للجريمة المنظمة.
أطلقت الإمارات في 4 سبتمبر 2024، استراتيجيتها الوطنية لأعوام (2024-2027) لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل انتشار التسلح، وتنص الاستراتيجية على (11) هدفاً للإصلاحات التشريعية والتنظيمية التي تتخذها الإمارات لمكافحة تأثير الأنشطة غير المشروعة على المجتمع وفقاً للمعايير الدولية. يتماشى نهج الإمارات مع رؤية التكتل الأوروبي، في مكافحة الجريمة المنظمة والهجرة غير الشرعية والإرهاب، بالتعاون مع الإنتربول وتفعيل دور الأجهزة الأمنية المسؤولة عن هذه المهام.
عقدت الإمارات اجتماعها الأول مع وكالة الاتحاد الأوروبي للتعاون في مجال العدالة الجنائية “يوروجست”، في 21 سبتمبر 2024، واستعرض الحضور الجهود المبذولة لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، وسبل تعزيز التعاون القانوني والعدالة الدولية، وضمان نزاهة الأنظمة القضائية الدولية، وسن تشريعات وتحديد سلطات إنفاذ القانون لمواجهة المخاطر المحتملة. ووقعت الإمارات مع يوروبول اتفاقية تعزيز التعاون الدولي في مكافحة الجريمة المنظمة عبر تبادل المعلومات الاستراتيجية غير الشخصية. يعد هذا الاتفاق خطوة لدعم الشراكة في التدريب وتبادل المعلومات في هذا الإطار وتأكيد على قوة العلاقات بين الجانبين، خاصة وأن الإمارات تعد أول دولة بالمنطقة توقع مثل هذه الاتفاقية مع يوروبول.
التعاون في مجال الذكاء الاصطناعي
شارك الاتحاد الأوروبي والإمارات في 15 مارس 2024، في بيان مشترك مع (54) دولة حول أهمية صياغة نهج مشترك لأنظمة الذكاء الاصطناعي، بهدف تأمين هذه الأنظمة لمعالجة التحديات التي تواجه العالم بداية من الفقر والانعدام الغذائي وصولاً إلى الفجوات الرقمية بين البلدان. وتوافقت سياسات الإمارات والاتحاد الأوروبي على مواكبة التطور التكنولوجي دعماً لأجندة التنمية المستدامة 2030، وبشكل يتوافق مع احترام الخصوصية وحقوق الإنسان والقانون الدولي.
توسعت العلاقات بين الإمارات والدول الأعضاء بالاتحاد في هذا المجال، وفي 22 مايو 2024 وقع مجلس أبوظبي للذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة، ووزارة الاقتصاد والمالية والسيادة الصناعية والرقمية الفرنسية، مذكرة تفاهم بشأن الذكاء الاصطناعي، لاستكشاف فرص الاستثمار بين الدولتين في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، والتعاون في التصنيع والتوريد والتدريب في مختلف أنظمة الذكاء الاصطناعي. وفي 27 مايو 2024 بحث مسؤولون إماراتيون وألمان تعزيز التعاون في الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا والطاقة المتجددة، إذ تعد الإمارات الشريك التجاري الأكبر بالمنطقة لألمانيا، وتعد ألمانيا الشريك التجاري الأكبر للإمارات بالاتحاد الأوروبي.
دخل قانون الذكاء الاصطناعي في الاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ في أغسطس 2024، وينعكس على عمل الشركات في الاتحاد الأوروبي والإمارات، لاهتمام الجانبين بالشراكة في التحول الصناعي العالمي المدعوم بالذكاء الاصطناعي. وينص القانون على تصنيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي ويحظر استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي ذات المخاطر غير المقبولة والمخاطر العالية، ويتطلب الرقابة التنظيمية لتعزيز التعاون بين الاتحاد والدول الأعضاء به والشركات العاملة مع الشركات الأوروبية. ويتعين على الشركات في الإمارات الالتزام بهذا القانون لاستهدافها بيع خدمات الذكاء الاصطناعي بالاتحاد الأوروبي، وتوسيع الشراكة مع شركات التكتل الأوروبي وتطوير التقنيات التكنولوجية وإدارة المخاطر في أنظمة الذكاء الاصطناعي.
التعاون في مجال الابتكار والأمن السيبراني
نظمت الإمارات في 26 أبريل 2024 من خلال مجلس الأمن السيبراني، أكبر تدريب سيبراني ضم الأمم المتحدة والاتحاد الدولي للاتصالات ونحو (108) دول، وقدم التدريب محاكاة واقعية لأنظمة الحماية في المنظمات القابلة للاستهداف، ومشاركة فرق الاستجابة لطوارئ الحاسب الآلي وحوادث الحاسب الآلي والأمن السيبراني، لتعزيز الشراكات الدولية والارتقاء بمستويات الأمن السيبراني بالعالم. وفي 16 مايو 2024 أكدت الدورة الـ (16) للحوار الاستراتيجي الإماراتي الفرنسي على تعزيز العلاقات في عدة مجالات على رأسها الأمن السيبراني وربطها بالتكنولوجيا المتقدمة لتعميق الشراكة الاستراتيجية طويلة الأمد بين البلدين. واجتمع كبار المسؤولين من الإمارات والاتحاد الأوروبي في 20 يونيو 2024، للتأكيد على الشراكة الثنائية الشاملة في الأمن وتعزيز الابتكار والنمو الاقتصادي المستدام ضمن الأجندة العالمية للتنويع الاقتصادي ومكافحة الإرهاب القائمة على البحث والابتكار.
حققت الإمارات في 13 سبتمبر 2024، إنجازاً في الأمن السيبراني، بتصنيفها ضمن الفئة الأعلى عالمياً وفقاً للمؤشر العالمي للأمن السيبراني لعام 2024. ويقيس هذا المؤشر مستوى نضج الأمن السيبراني في الدول الأعضاء بالأمم المتحدة، ويغطي محاور التدابير القانونية والتنظيمية وبناء القدرات والتعاون مع باقي الشركاء. وتتشابه استراتيجية الإمارات في الأمن السيبراني والابتكار مع استراتيجية الأمن السيبراني للاتحاد الأوروبي، التي تعزز الأمن الدولي والتنسيق في بناء قدرات الدفاع السيبراني، وإتاحة أدوات الدبلوماسية السيبرانية للتكتل وتوسيع الشراكات مع الدول الشريكة لمواجهة التهديدات الإلكترونية ومعالجة الجرائم السيبرانية.أمن دولي ـ
تقييم وقراءة مستقبلية
– تتنوع أوجه التعاون بين الاتحاد الأوروبي ودولة الإمارات في القضايا السياسية ويتشاركان الرؤى بشأن الصراعات الراهنة الدولية والتوترات المثارة في منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذي يدعم فرص التعاون في مجالات الابتكار والأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي ومواجهة التهديدات الأمنية المحتملة، ما يؤكد على الثقة المتبادلة بينهما ويدعم المباحثات والحوار المتواصل والمصالح المتبادلة، ويخدم السلام والأمن على المستويين الإقليمي والعالمي.
– يدرك الجانبان الإماراتي والأوروبي أهمية التنسيق والتعاون المشترك، والتصدي لتحديات المرحلة المتعلقة بالتطور السريع للذكاء الاصطناعي وما يحيط به من مخاوف من استغلاله من قبل شبكات الجريمة المنظمة والتنظيمات الإرهابية لصالح أنشطتهم، وغياب وضع أطر قانونية لتوظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي. وهذا ما يزيد من مخاطر استخدامها في مجالات متعددة، ومن هنا نشأت شراكات واتفاقيات بين الإمارات والاتحاد الأوروبي. في ضوء استراتيجية الجانبين لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي، حيث تخطط الإمارات إلى تحليل البيانات بمعدل 100% بالذكاء الاصطناعي بحلول 2031 تمهيداً لتنفيذ أهداف مئوية الإمارات 2071 وخلق سوق جديدة واعدة بالمنطقة ذات قيمة اقتصادية عالية بالاعتماد على التكنولوجيا الحديثة، بجانب تبني التكتل الأوروبي مبادرة البوابة العالمية للفترة من 2021- 2027 لتعزيز الشراكة مع دول المنطقة وفي مقدمتها الإمارات بشأن التحول الرقمي في إطار ميثاق الاتحاد الأوروبي للذكاء الاصطناعي.
ـ انجزت دولة الإمارات خطوات ناجحة نحو مكافحة الجريمة المنظمة وعززت من مكانتها عالمياً، ما جعلها شريكاً موثوقاً به من جانب الاتحاد الأوروبي للتعاون في هذا الإطار، في ظل سياساتهما التي تستهدف التصدي لانتشار شبكات الجريمة المنظمة التي تستغل الصراعات الدولية الراهنة للتمدد عبر القارات، لذا من المتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة مزيداً من الاتفاقيات بين الدول الأعضاء بالاتحاد والإمارات حول سبل مكافحة الهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة.
ـ قطعت دولة الإمارات شوطاً كبيراً في تعزيز الأمن السيبراني، بشكل يتناسب مع القواعد الدولية ويضمن مواكبة التطورات التكنولوجية المتسارعة، ويدعم قدرات المؤسسات على التصدي للجرائم الإلكترونية وتقوية معايير الأمن الرقمي والسيبراني، وتنقيح التشريعات والقوانين لمكافحة الجرائم السيبرانية، الأمر الذي يعمق من التعاون مع دول الاتحاد الأوروبي لتبادل الخبرات في مسألة التشريعات المنظمة لمكافحة الاحتيال الرقمي والإلكتروني، خاصة وأن التكتل الأوروبي انتهج استراتيجية منذ سنوات في هذا الإطار بسبب زيادة الهجمات الإلكترونية على المؤسسات الحكومية الأوروبية منذ 2020.
– إن صدارة الإمارات في مؤشر الابتكار دولياً، يأتي ترجمة للجهود المبذولة في مجالات الاستثمار وتوظيف رأس المال البشري والبحث والتكنولوجيا، لتطوير القطاعات الاقتصادية وتطبيق وسائل مستدامة للابتكار في كافة المؤسسات الحكومية، وتعزيز القدرات التنافسية العالمية لدولة الإمارات، وفي الوقت نفسي تسعى أغلب دول الاتحاد الأوروبي إلى زيادة بنود الميزانيات الوطنية لدعم الأسس العلمية والتكنولوجية للتكتل ضمن برنامج “البحث والابتكار” ما يؤكد على الاستجابة للقضايا العالمية وأهداف التنمية المستدامة.
المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات