
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_في ظل الأوضاع الاقتصادية المتقلبة وارتفاع تكاليف المعيشة، يشعر عدد متزايد من البلجيكيين بأن قدرتهم الشرائية تتآكل ببطء ولكن بثبات.
كشف استطلاع رأي حديث أجرته شركة كوفيديس المتخصصة في قروض المستهلكين أن واحدًا من كل ثلاثة بلجيكيين (32%) يعتقد أن قوته الشرائية قد تراجعت خلال الاثني عشر شهرًا الماضية، مقارنة بنسبة 22% فقط في العام السابق، ما يعكس منحًى تصاعديًّا للقلق العام بشأن الأوضاع المعيشية.
الاستطلاع الذي شمل عينة من ألف شخص عبر الإنترنت في نهاية أبريل، وضع ملف القدرة الشرائية في المرتبة الثانية ضمن قائمة أولويات المواطنين بنسبة 47%، بعد الصحة التي تصدرت بـ64%، وقبل النزاعات المسلحة التي نالت اهتمام 40% من المشاركين، خاصة في ظل التوترات الجيوسياسية المتزايدة عالميًا.
هذا الترتيب يعكس حجم الضغط الذي يشعر به المواطن العادي في بلجيكا، والذي بات يرى في الحفاظ على مستوى معيشته تحديًا يوميًا.
ورغم تنوع الأسباب، إلا أن أبرز العوامل التي تقف وراء هذا التراجع في القدرة الشرائية تتمثل في ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية والسكن، وهي من النفقات الأساسية التي لا يمكن التنازل عنها.
ووفقًا لنتائج الاستطلاع، فإن أكثر من 21% من البلجيكيين يعتبرون أن قدرتهم الشرائية “منخفضة”، بينما يقول 30% إن دخلهم الشهري لا يكفي إلا بالكاد لتغطية احتياجاتهم، و6% أعلنوا صراحة أنهم غير قادرين على الوفاء بالتزاماتهم المالية.
في المقابل، يرى نصف المشاركين أن قدرتهم الشرائية “كافية”، وهو ما يعكس حالة من الانقسام الواضح في تقييم الأوضاع المالية الشخصية.
ولا تقتصر ملامح الأزمة على الواقع الحالي فقط، بل تمتد أيضًا إلى التوقعات المستقبلية، إذ لا يتوقع اثنان من كل ثلاثة مشاركين تحسنًا في قدرتهم الشرائية خلال السنوات الثلاث المقبلة.
هذه النظرة المتشائمة تعكس غياب الثقة في الحلول السياسية والاقتصادية المطروحة، وتؤشر إلى الحاجة الماسّة إلى سياسات تدخلية تعيد التوازن بين الأجور وتكاليف المعيشة.
لكن في ظل هذه الصورة القاتمة، يُظهر البلجيكيون تمسكًا لافتًا بطموحاتهم الشخصية، وهو ما يمكن اعتباره مقاومة هادئة للضغوط الاقتصادية.
بحسب نفس الدراسة، يخطط 70% من المشاركين لقضاء عطلة هذا العام، حتى لو تطلب الأمر التضحية بنفقات أخرى.
كما أعرب ثلاثة من كل خمسة أشخاص عن نيتهم في الاستثمار بمشروع شخصي خلال عام 2025، تتوزع أولوياته بين السفر، وتجديد المنازل، وتطوير الذات. هذا التوجه يشير إلى أن المواطن البلجيكي، وإن كان يرزح تحت ضغط اقتصادي، لا يزال يرى في الإنجاز الشخصي منفذًا لتجاوز الأزمات.
ومن اللافت أيضًا أن ثمانية من كل عشرة أشخاص أكدوا أنهم اتخذوا تدابير لتوفير المال هذا العام، وقد نجح 60% منهم في ذلك.
هذا السلوك يعكس وعيًا متزايدًا وإرادة للتكيف، في غياب دعم سياسي مباشر أو حلول مالية هيكلية شاملة.
وكالات