حاورها: وائل نجيب
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_وصلت آلاء إلى هولندا وهي طفلة في الثانية عشرة من عمرها، بعد أن اضطرتها الحرب في سوريا إلى مغادرة وطنها. وخلال سنوات قليلة، استطاعت أن تفرض حضورها وتصبح، في سن الثانية والعشرين، أصغر عضو في بلدية على مستوى هولندا. في هذا اللقاء سنقترب أكثر من قصتها ونتعرف عليها بشكل أعمق.
حدثينا عنك أكثر من هي آلاء؟
شكرا، وأتمنى لكم كل التوفيق والنجاح.
أنا آلاء حاج حسين، من مدينة اللاذقية في سوريا، أبلغ من العمر 22 عامًا وأقيم حاليًا في مدينة Papendrecht الهولندية. أدرس الهندسة المدنية والمعمارية في سنة التخرج (السنة الرابعة) بتخصص Middenkaderfunctionaris Bouw.
بدايةً، كيف تصفين رحلتك من سوريا إلى هولندا، وما اللحظة التي شكّلت نقطة تحول في حياتك؟
رحلتي كانت مليئة بالتحديات. في عام 2012 قرر والدي مغادرة سوريا، ولم يكن القرار سهلا، فذهبنا إلى تركيا، عشنا ثلاث سنوات في مخيمات اللجوء وسط ظروف قاسية جدا. وفي عام 2014 قرر والدي خوض مغامرة اللجوء إلى أوروبا وتوجه إلى هولندا وفي نهاية عام 2015 اجتمع شملنا مرة أخرى هنا، وبدأت رحلتي الجديدة من الصفر.
كيف أثّرت تجربة اللجوء في تكوين شخصيتك ومن ثم اختياراتك؟
تجربة اللجوء جعلتني أكثر قوة وإصرارا، واستطيع تحمّل المسؤوليات، وتعلّمت أن أبدأ من لا شيء، وأن أؤمن بقدرتي على النهوض رغم الصعوبات، وأن أُحوّل الألم إلى دافع للنجاح. مررتُ بتجارب قاسية في المدرسة مما دفعني ذلك في البداية للهروب والعزلة ومن ثم لمواجهة ذلك الواقع، وهذا ما صنع آلاء الحالية، الفتاة القوية، الواعية والواثقة بنفسها.
ما الذي دفعكِ إلى دخول العمل السياسي في سن صغيرة؟
في المرحلة الأخيرة من الثانوية، لاحظ أحد المعلمين أنني أعبّر عن آرائي بشجاعة وأناقش قضايا مجتمعي بثقة، فعرض عليّ المشاركة في نقاش شبابي داخل البلدية حول قضايا الشباب. بعد هذا اللقاء، تواصل معي مؤسس حزب Onafhankelijk Papendrecht وسألني إن كنت أرغب بالانضمام إليهم كأصغر عضو في الحزب. وافقت فورا، لأنني لطالما حلمت أن أكون صوتا لمن عاشوا ظروفًا صعبة مثلي، وأن أشارك تجربتي لتكون مصدر إلهام للآخرين.
كيف كان شعورك عندما أصبحتِ أصغر عضو في بلدية على مستوى هولندا؟
كان شعورا لا يوصف، مزيج من الفخر والدهشة. لم أكن أتوقع أن أصل إلى هذا المكان بهذه السرعة. رؤية الناس يصوتون لي بعد قراءة قصتي في الصحف جعلتني أشعر بأن جهودي بدأت تثمر وتعبي لم يذهب عبثاً، بات صوتي مسموعا في المجتمع الهولندي.
هل تلقيتِ التشجيع والدعم من عائلتك في خطواتك الأولى نحو العمل السياسي، وكيف انعكس ذلك على مسارك وطموحاتك؟”
نعم، عائلتي كانت الداعم الأكبر لي. عندما أخبرتهم برغبتي في دخول السياسة، قالت لي والدتي جملة لن أنساها: “ جاءتك الفرصة ،اذهبي وجربي، فكما يقول المثل الهولندي proberen is gratis (التجربة مجانية) وإن لم تجدي نفسك هناك فخيار الانسحاب دائماً مطروح”. هذا الدعم منحني ثقة كبيرة وساعدني على المضي دون خوف.
ما أبرز مسؤولياتك الحالية داخل البلدية؟
أنا أعمل كعضو في بلدية Papendrecht ممثلاً عن فئة الشباب. أشارك في الاجتماعات والمناقشات الخاصة بتطوير المدينة وتحسين الخدمات، وأحاول دائمًا أن أوصل صوت فئة الشباب والقادمين الجدد إلى صُنّاع القرار.
كما أشرتِ في البداية أنتِ تدرسين الهندسة المدنية إلى جانب عملك في البلدية، كيف توفقين بين الدراسة والعمل؟
التوفيق بين الاثنين صعب جدا ويتطلب مجهودًا مضاعفا. أستيقظ يوميا في السادسة صباحًا لأذهب إلى العمل في مدينة Rotterdam، وأنتهي حوالي السادسة مساءً، وإن كان هناك اجتماع في البلدية أشارك فيه.
ما الذي جذبكِ إلى تخصص الهندسة المدنية؟
حبّي للرسم كان الدافع الأول. منذ طفولتي كنت أهوى التصميم والرسم، فأحببت أن أدمج موهبتي بالعلم، وأن أستخدم خيالي في الابتكار والبناء. الهندسة بالنسبة لي ليست مجرد مهنة، بل وسيلة للتعبير عن الإبداع بطريقة عملية وجميلة.
كيف تنظرين إلى واقع اندماج الشباب من فئة القادمون الجدد في هولندا؟
الاندماج ليس سهلًا، تعلم اللغة هو مفتاحه. ولكن ذلك يحتاج إلى الإرادة والرغبة. كثير من الشباب يملكون طاقات كبيرة، لكنهم يحتاجون فقط إلى الفرصة والثقة. أنا مثال على أن اللاجئ يمكن أن ينجح ويترك أثرا إيجابيا إذا أُعطي المجال.
ما الذي تخططين له في المرحلة المقبلة، خصوصًا مع نيتكِ الترشح لانتخابات البلدية؟
أطمح للترشح مجددا في الانتخابات المقبلة بإذن الله، لأواصل تمثيل الشباب والقادمين الجدد، ولأشارك بشكل أكبر في تطوير المدينة. أريد أن أكون نموذجا يُظهر أن القادمون الجدد ليسوا عبئا على هذا المجتمع بل طاقة إيجابية تحتاج الدعم ، لتعطي إضافة حقيقية للمجتمع.
ما الرسالة التي تودين توجيهها لأبناء الجاليات العربية في هولندا؟
رسالتي لهم أن لا يفقدوا الأمل أبدا. لا تدعوا الماضي أو الصعوبات تعيقكم. تعلموا، شاركوا، اندمجوا، واثبتوا أنكم قادرون على النجاح أينما كنتم. نحن أبناء جاليات قوية، ونستطيع أن نصنع مستقبلا مشرفا لأنفسنا ولأوطاننا الجديدة.
في ختام هذا اللقاء، يتوجه موقع صحيفة “أخبار هولندا24″ الإلكتروني بالشكر لكِ، ويتمنى لكِ مزيدًا من النجاح والتوفيق في مسيرتك المهنية.”
هولندا 24
