م.عبد الحكيم عامر الطويل
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية…_
مُحَاوَلَاتُ تَفَرُّدٍ قَلِقَةٌ
هَذِهِ أَوَّلُ نُصُوصٍ كَتَبْتُهَا، فِي مَخَاضٍ طَوِيلٍ اِمْتَدَّ عِشْرِينَ سَنَةً، مِنْ 1985 إِلَى 2005، غَيْرَ أَنَّنِي لَمْ أَنْشُرْ مِنْهَا غَيْرَ اِثْنَتَيْنِ فِي سَنَةِ كِتَابَتِي لَهَا (1985). وَبَقِيَتِ الْبَقِيَّةُ مُبَعْثَرَةً مَنْسِيَّةً وَسَطَ دَفَاتِرِي الْجَامِعِيَّةِ، وَحَوَاشِي بَعْضِ كُتُبِي، وَقَصَاصَاتِي الصَّفْرَاءِ، (وَبَعْضِ الْمَحَارِمِ الْوَرَقِيَّةِ كَذَلِكَ!)، كَتَبْتُهَا بِقَلَمِ الرَّصَاصِ تَارَةً، وَبِالْحِبْرِ تَارَةً أُخْرَى، وَحَتَّى بِأَقْلَامٍ مُلَوَّنَةٍ؛ إِذْ لَمْ يَكُنْ مِيعَادُ قُدُومِهَا مَعْرُوفًا، فَكُنْتُ أَلُوذُ بِمَا فِي الْمُتَنَاوَلِ لِأُخْرِجَهَا، وَكَمْ مِنْ غَيْرِهَا فَقَدْتُهُ، لِافْتِقَادِي أَدَاةً فِي الْجِوَارِ لِكِتَابَتِه.
هِيَ نُصُوصٌ نَثْرِيَّةٌ، غَيْرَ أَنَّنِي تَرَدَّدْتُ طَوِيلًا فِي عَرْضِهَا – نَاهِيكَ عَنْ نَشْرِهَا – لِعِدَّةِ أَسْبَابٍ، لَيْسَتْ عُيُوبًا كَمَا رَآهَا الْبَعْضُ، وَإِنَّمَا هِيَ مُحَاوَلَاتٌ لِتَفَرُّدٍ قَلِقَةٌ مِنِّي جَدِيدَةٌ، ظَنَنْتُ أَنَّهَا قَدْ تُسَاهِمُ (أَوْ لَا!) فِي زِيَادَةِ فُرْصَةِ نَشْرِهَا.
أولاً:
لِأَنَّنِي اِعْتَقَدْتُ أَنَّهُ مِنَ الْحِكْمَةِ أَلَّا أُعْلِنَ مُبَكِّرًا عَنْ نَفْسِي كَنَاثِرٍ، فَاِنْشَغَلْتُ بِالْكِتَابَةِ فِي مَجَالَاتِ التَّارِيخِ وَالْآثَارِ وَالثَّقَافَةِ الْعِلْمِيَّةِ، مُرَكِّزًا عَلَى كِتَابَةِ قَصَصِ الْخَيَالِ الْعِلْمِيِّ الْقَصِيرَةِ، وَالْأَقَاصِيصِ – الْقَصَصِ الْقَصِيرَةِ جِدًّا – مِنْ بَيْنِ أَلْوَانِ الْعَائِلَةِ الْأَدَبِيَّةِ.
ثانياً:
رَغْمَ أَنَّ أَشْوَاكَ الْعَاطِفَةِ وَالْمَشَاعِرِ السَّاخِنَةِ وَالْقَوَالِبَ النَّفْسِيَّةَ غَيْرَ التَّقْلِيدِيَّةِ هِيَ الْمُحَرِّكُ الطَّبِيعِيُّ لِلْحَالَةِ الشِّعْرِيَّةِ مُنْذُ الْأَزَلِ، اِنْتَهَجْتُ فِي نُصُوصِي أُسْلُوبًا لَا أَظُنُّهُ كَثِيرَ التَّدَاوُلِ فِي النَّصِّ الْعَرَبِيِّ النَّثْرِيِّ، نَاهِيكَ عَنِ اللِّيبِيِّ:
النَّصُّ الْحَاسُوبِيُّ!
ثُمَّ زِدْتُ الْعِيَارَ قَلِيلًا، فَطَعَّمْتُ بَعْضَ نُصُوصِي مُنْذُ 8/6/2005 بِسَبْقٍ مَحَلِّيٍّ يَتَمَثَّلُ فِي وَمَضَاتٍ خَاطِفَةٍ لِبَعْضِ الْمُصْطَلَحَاتِ الْحَاسُوبِيَّةِ الَّتِي وَجَدْتُ لَهَا مُوسِيقَى إِبْدَاعِيَّةً، وَوَقْعًا بَلَاغِيًّا فَرِيدًا، فِي خَاصِّيَّةٍ رُبَّمَا يُكَّثِّفُهَا بِشَكْلٍ أَفْضَلَ نَصِّي فِي هَذَا الدِّيوَانِ بِعُنْوَانِ: مُجَرَّدُ أَيْقُونَةٍ، وَكَانَتْ بِدَايَةُ هَذِهِ التَّجْرِبَةِ سُؤَالًا سَأَلْتُهُ مِرَارًا لِنَفْسِي: لِمَ لَا نَعِيشُ عَصْرَنَا، خُصُوصًا وَأَنَّ الْحَاسُوبَ لَمْ يَعُدِ اِخْتِرَاعًا مُسْتَقْبَلِيًّا بِقَدْرِ مَا هُوَ الْحَاضِرُ الَّذِي نَعِيشُهُ؟ خُصُوصًا فِي عَالَمِ النَّشْرِ وَالْكِتَابَةِ، فَقَدْ صَارَ مُنْجَزًا حَاسُوبِيًّا بِاِمْتِيَازٍ! مَعَ ذَلِكَ تَرَدَّدْتُ فِي نَشْرِ نُصُوصِي الْحَاسُوبِيَّةِ هَذِهِ، خَوْفًا مِنْ أَنْ أَكُونَ قَدِ اِشْتَطَطْتُ بَعِيدًا بِتَفَاؤُلِي بِهَا، فَتَفْشَلُ فِي إِيجَادِ تُرْبَةٍ خِصْبَةٍ تَفْهَمُهَا وَتَذُوقُهَا، ثُمَّ يُشَجِّعُهَا الْمُجْتَمَعُ الْأَدَبِيُّ الْمَحَلِّيُّ، حَتَّى أَنَّ صَ
النَّصُّ الأثَرِيُّ:
كَجُزْءٍ مِنْ مُهِمَّتِي الدَّائِبَةِ فِي كِتَابَاتِي التَّارِيخِيَّةِ وَالْأَثَرِيَّةِ، الَّتِي أَسْعَى فِيهَا إِلَى نَشْرِ الْمَعْرِفَةِ بِمَا تَزْخَرُ بِهِ بِلَادُنَا مِنْ كُنُوزٍ تُرَاثِيَّةٍ وَثَقَافِيَّةٍ يَجْهَلُهَا الْكَثِيرُ مِنْ أَبْنَاءِ الْأُمَمِ الْأُخْرَى، بِمَنْ فِيهِمْ أَشِقَّاؤُنَا، أَدْخَلْتُ فِي بَعْضِ نُصُوصِي لَمَحَاتٍ مُخْتَصَرَةً حَوْلَ تَارِيخِ بِلَادِي لِيبِيَا وَتُرَاثِهَا وَآثَارِهَا (وَحَتَّى نَبَاتَاتِهَا)، وَهِيَ الَّتِي كُنْتُ أُسَمِّيهَا تَنَدُّرًا نُصُوصًا أَثَرِيَّةً، دُونَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِطَبِيعَةِ الْحَالِ عَلَى حِسَابِ ذَائِقَتِهَا الْإِبْدَاعِيَّةِ. فِي نُصُوصِ الْآخَرِينَ الْمُشَابِهَةِ، تَأْتِي هَذِهِ الْاِسْتِعَارَاتُ وَلِيدَةَ اللَّحْظَةِ دُونَ هَدَفٍ خَاصٍّ بِهَا لِذَاتِهَا، كَرَافِدٍ لِمَشَاعِرِ النَّصِّ تُوَاكِبُ وَحَاجَتَهُ الْإِبْدَاعِيَّةَ، غَيْرَ أَنَّهَا فِي تَجْرِبَتِي هِيَ هَدَفٌ مُسْتَتَرٌ لِنُصُوصِي، وَأَحْيَانًا هَدَفٌ وَاضِحٌ طَالَمَا أَنَّنِي أَسْتَدْعِيهَا لِتَتَصَدَّرَ أَحْيَانًا كِتَابًا أَوْ مَقَالَةً أَنْوِي نَشْرَهَا.
النَّصُّ الفلكي:
لِأَنَّ عَالَمَ الْفَلَكِ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَنْ إِدْهَاشِي يَوْمًا، وَلِأَنَّ مِنْ مُؤَثِّرَاتِي الشَّخْصِيَّةِ أَنَّنِي كُنْتُ أَوَّلَ مَنْ كَتَبَ قَصَصَ خَيَالٍ عِلْمِيٍّ قَصِيرَةٍ فِي لِيبْيَا، طَعَّمْتُ بَعْضَ نُصُوصِي بِاِصْطِلَاحَاتٍ وَاِسْتِعَارَاتٍ فَلَكِيَّةٍ، مُحَاوِلًا تَوْظِيفَ أَسْمَاءِ الْعَدِيدِ مِنَ النُّجُومِ وَالظَّوَاهِرِ الْفَلَكِيَّةِ الْحَقِيقِيَّةِ، الَّتِي كَثِيرًا مَا قَرَأْتُ عَنْهَا وَأَدْهَشَتْنِي فَرَادَتُهَا وَجَمَالُ أَلْوَانِهَا وَشَاعِرِيَّتُهَا؛ لِصِيَاغَةِ صُوَرَ نَثْرِيَّةٍ جَدِيدَةٍ مِنْهَا، مُعْتَبِرًا إِيَّاهَا فِي النِّهَايَةِ فَرْعًا مِنْ تَارِيخِنَا وَآثَارِنَا. أَلَيْسَ تُرَاثُنَا يُؤَكِّدُ عَلَى أَنَّنَا أَوَّلُ مَنِ اهْتَمَّ بِهَذِهِ الْعُلُومِ؟ حَتَّى إِنَّ الْكَثِيرَ مِنَ الْمُسَمَّيَاتِ الَّتِي يَعْتَمِدُهَا الْاِتِّحَادُ الْفَلَكِيُّ الدُّوَلِيُّ لِلْكَثِيرِ مِنَ الْأَجْرَامِ السَّمَاوِيَّةِ الْمُعَاصِرَةِ هِيَ أَسْمَاءٌ عَرَبِيَّةٌ أُطْلَقَهَا أَجْدَادُنَا عَلَيْهَا، وَهَذِهِ وَجَدْتُ فِيهَا الْكَثِيرَ مِنَ الْاِسْتِعَارَاتِ السَّاحِرَةِ الَّتِي حَرِيٌّ بِهَا أَنْ نَحْتَفِيَ بِهَا دَوْمًا فِي نُصُوصِنَا الْأَدَبِيَّةِ، كَوَصْلَةٍ رَائِعَةٍ بَيْنَ مَاضِينَا وَحَاضِرِنَا.
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية…_
