دكتور هشام عوكل استاذ ادارة الازمات والعلاقات الدولية
الصراع التركي الإيراني يشبه عراك جيران على موقف سيارة – ممرات الطرق والجسور بدل الموقف، وبدل السيارة،في ضوء علم إدارة الأزمات والعلاقات الدولية، يبرز التوتر الإيراني-التركي كدراسة حول كيفية تحرك القوى الإقليمية وسط تعقيدات الجغرافيا السياسية والمصالح المتضاربة. يتجذر هذا التوتر في تاريخ طويل من الصراع الذي يمتد لقرون، ولكن في العصر الحديث، يركز على مشروعات استراتيجية مثل طريق التنمية العراقي-التركي وممر زنغزور.
تكمن جذور الأزمة في اختلاف تركيا وإيران في رؤيتهما لمصالحهما الجيوستراتيجية رغم كونهما دولتين إسلاميتين. تسعى تركيا لتعزيز روابطها مع دول القوقاز ووسط آسيا، بينما تركز إيران على الحفاظ على نفوذها في المنطقة العربية، حيث ترى في التعاون التركي-العراقي تهديدًا لنفوذها التقليدي في العراق. تسعى إيران إلى عرقلة مسارات التعاون الإقليمي التي لا تتماشى مع مصالحها، ما يعكس تحديات التنسيق بين الدول ذات الأجندات المتناقضة.

من ناحية أخرى، تقترح المبادئ الأساسية لإدارة الأزمات ضرورة تجنب الصدام العسكري المباشر والاستفادة من القنوات الدبلوماسية لتهدئة الأوضاع. يتضح أن تركيا وإيران، رغم توتر علاقاتهما، تدركان أهمية التعاون البراغماتي الذي يظهر في إشراك أطراف إقليمية أخرى في مشاريع مثل طريق التنمية الذي يربط البصرة في جنوب العراق بمرسين التركية.
في المقابل، يمثل ممر زنغزور نقطة توتر جديدة، حيث يسعى الأذريون لربط دولتهم بإقليم ناخشوان وتركيا بشكل مباشر، ما يعيد للأذهان الخلافات الجيوسياسية القديمة حول تأثير ذلك على النفوذ الإيراني والإغلاق المحتمل لمنافذها الشمالية.
لتحقيق الاستقرار الإقليمي، تحتاج الدولتان إلى إعادة النظر في سياساتهما بشكل يتجاوز المواريث التاريخية للتركيز على استراتيجيات متكاملة للتنمية المشتركة، تخفف من حدة التنافس وتنظر للعلاقات الإقليمية من زاوية المنفعة المتبادلة والمصالح المشتركة، وهو درس في إدارة الأزمات يتطلب توازناً دقيقاً بين الواقع السياسي والدبلوماسي المعاصر