
نجاة أحمد الأسعد _سوريا
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_حديثنا اليوم عن أحد عادات أهل الشام التي تميزت كطقس خاص له مواعيده المعينه و ينتظره الجميع بفارغ الصبر، كباراً وصغاراً… إنه النزهة او كما يسميه العامه “السيران”.
والسيران من أقدم التقاليد الاجتماعية ويقال انه عادة من الأيام الرومانية، وهو عبارة عن رحلة عائلية أو تجمع للأصدقاء في الطبيعة بعيد عن صخب المدينة.
السيران الشامي يجمع ما بين المتعة، والأكل اللذيذ، والأحاديث الحلوة، ويعتبر من أهم العادات التي تجمع الناس ببعضها.
تحضيرات السيران:
كان السيران على الاغلب في يوم العطلة لذلك قبل السيران بايام تبدأ الأمهات بتحضير الأكل الذي سياخذوه معهم، ويكون فيه تركيز على الأكلات التي تناسب الأكل بالسيران،
أهم هذه الأكلات اللحوم المشوية ويطلق عليها العامة “المشاوي”. الكبة المقلية،و وسلطة التبولة، اللبنة المكبوسة، الخيار المقطّع، واحيانا الكوسا المحشية بالارز واللحم الاضافة الى الفواكه الموسمية: مثل التين، العنب، الرمان.
والشاي لأنه جزء لا يتجزأ من السيران. .
اما الرجال كانوا ينظمون وسيلة النقل (أحياناً عربة خيل أو “طنبر” قبل انتشار السيارات). ثم تجهيز السجاد والمراكي،
كما تُؤخذ الأواني المعدنية والخشبية، و”البراد القشّي” وهو صندوق من القش لحفظ الماء بارداً.
هناك أماكن مفضلة للسيران الشامي ويجب ان يتمتع بميزتين طبيعة حلوة وقريب.
من أشهر هذه الأماكن بدمشق والمناطق المحيطة:
الغوطة الشرقية والغربية (بدمشق):
حيث تُعتبر المتنفس الطبيعي للدمشقيين.
يتوجه الناس إلى البساتين والأنهار الصغيرة مثل نهر بردى.
وايضا عين الفيجة والزبداني وبلودان:
فهي مقاصد صيفية باردة، يقصدها أهل الشام هرباً من حر الصيف و.كانت تستغرق الرحلة وقتاً، فتُعدّ وكأنها “سياحة داخلية”.
واما الربوة وبساتين الصالحية:
فهي مناطق قريبة من المدينة، مشهورة بالخضرة والظل.
وكان طريق السيران طقس ممتع باجتماع العائلة و القلوب الفرحة.حيث يستمعون للأغاني الشامية ، و”العتابا” و “الميجانا”
وفي يوم السيران يبدأ باكرا حيث تصل العيلة أو الأصدقاء الى المكان و يختاروا الموقع المثالي تحت الشجر و يبدؤون بتحضير المكان من فرش السجادة على الأرض، البراد عالزاوية،وتجهيز الأركيلة .وتحضير الفحم للمشاوي.
فالسيران مليئ بالضحك والحكايا. و الأطفال يركضون فرحين والرجال يلعبون الشدة أو الطاولة، و النساء يبدأون بالتحضيرات للغداء تحت الشجر.
ويعتبر الأكل جزء أساسي من تجربة السيران. فالمشاوي على رأس القائمة، والشوي بحد ذاته يكون نشاط جماعي. الكل يشارك بتحضير الأكل، وكل شخص عنده مهمة معينة.
وبعد الأكل، ياتي وقت التحلية، ويكون خيارات منوعة مثل البطيخ، والتين، والعنب، حسب الموسم.
بعدها، ياتي دور شرب الشاي المغلي على الفحم ، وهو جزء لا ينفصل عن أجواء السيران.
اما وقت الراحة. فالكبار يتمددون على السجاد، والشباب يلعبون الطابة (الكرة)، أو شد الحبل، “بالاضافة للغناء الجماعي و الدبكة الشامية على أنغام العود أو الطبل او الربابة.
وكان الأطفال يلعبون ألعاب مثل “الغميمة”، “السبع طابات”، “الحجلة” وغيرها من الالعاب
ويسبحون إذا كان المكان قريب من النهر.
ومع غروب الشمس، يجمع الناس اغراضهم ويتحضرون للعودة.
كانت النزهة فرصة للتقارب العائلي والتعارف بين الجيران. حيث تُلتقط الصور بالكاميرات القديمة وتُطبع لاحقاً كذكرى.
وكانت المناسبات مثل عيد الفطر أو شم النسيم هي مواسم مميزة للخروج إلى الطبيعة.
واخيرا النزهة في بلاد الشام أو كما يسمونه السيران لم يكن مجرد نزهة عادية، بل كان طقس مقدّس تلتقي فيه العائلة ، والقلوب تتقارب، والعلاقات تُتجدَّد. فرغم تغيّر الزمن، وبُعد التكنولوجيا عن هذه البساطة، وتبقى رائحة الشاي على الفحم، أو صوت جدول الماء، تقدم ذكرى للبعض عن عبق الرحلات العائلية .
والى حديث آخر عن عادات بلادي نلتقي الأسبوع القادم
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_