
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_لم يعد نظام الإعفاءات الضريبية في بلجيكا بمنأى عن الرقابة الدقيقة، بعدما بات عبئًا متزايدًا على الخزينة العامة.
في سياق تصاعد التكاليف وانكشاف ثغرات الاستخدام، تتجه السلطات الضريبية نحو تشديد التفتيشات، مستهدفة إعفاءات ضريبة الاستقطاع التي تمثل حافزًا مهمًا للشركات البلجيكية، لكنها أصبحت في الوقت نفسه مثار جدل واسع بشأن شرعيتها وسوء استخدامها.
بحسب ما أوردته صحيفة “ليكو”، تطالب الإدارة الضريبية هذا العام باسترداد نحو 200 مليون يورو من الشركات التي يُشتبه في استفادتها بشكل غير مشروع من هذه الإعفاءات.
وتشير المعطيات الرسمية إلى أن نحو 148 ألف شركة كانت قد استفادت في عام 2023 من إعفاء واحد على الأقل من ضريبة الاستقطاع، ما كلّف الدولة 4.11 مليار يورو، في حين يُتوقع أن يقفز هذا المبلغ إلى 4.7 مليار يورو في عام 2024. ويعكس هذا الارتفاع السريع — بزيادة تفوق مليار يورو خلال خمس سنوات فقط — مدى التوسع في منح الإعفاءات، لا سيما مع استحداث آليات جديدة في كل دورة تشريعية، لتصل حاليًا إلى 13 نوعًا مختلفًا، تشمل العمل بنظام المناوبات، والوظائف الليلية، ونشاطات البحث العلمي.
إلا أن هذا النمو لم يكن متوازنًا مع مستويات الرقابة، وهو ما تسعى إليه الإدارة الضريبية حاليًا من خلال عمليات تفتيش أكثر كثافة ودقة. في عام 2024 وحده، تمكنت السلطات من استرداد مبلغ غير مسبوق بلغ 193 مليون يورو، أي ما يقارب ضعف ما تم استرداده في 2023، وستة أضعاف مقارنة بعام 2019. وتُظهر الأرقام أن نحو سبعة من كل عشرة عمليات تدقيق تُفضي إلى تصحيحات ضريبية، ما يعزز الشكوك حول انتشار سوء الاستخدام على نطاق واسع.
وتكشف الإحصاءات عن تطور لافت في فعالية هذه العمليات؛ ففي عام 2021، لم يتجاوز إجمالي ما طُلب استرداده سوى 20 مليون يورو، أما في العام الماضي، فقد ارتفع هذا الرقم إلى 123 مليون يورو، ما يعكس تصعيدًا واضحًا في نبرة السلطات الضريبية. وتشير الحكومة إلى نيتها تطبيق نظام جديد للإشراف والمراجعة بحلول عام 2027، يطال تحديدًا 19 ألف شركة معنية بهذه الإعفاءات.
لم تقتصر التحقيقات على القطاعات الصناعية والخدمية فقط، بل طالت أيضًا مجال البحث العلمي والتطوير، حيث استعادت الدولة 58 مليون يورو من الإعفاءات الممنوحة لهذا القطاع.
وقد استُخدمت هذه الإعفاءات من قِبل نحو 3000 شركة ومؤسسة علمية وجامعة، لكن معظمها واجه مؤخرًا موجة من التدقيقات، ما يُثير التساؤلات حول المعايير التي تم على أساسها منح هذه المزايا.
هذا التطور يأتي في سياق أوسع من المساءلة المالية، إذ تسعى الحكومة إلى خفض العجز والحد من تسرب الإيرادات.
ورغم أهمية هذه الإعفاءات في دعم الاقتصاد البلجيكي وجذب الاستثمارات، فإن غياب الحوكمة المحكمة وسوء التطبيق يفرغانها من جدواها، بل ويحولانها إلى أداة لتقويض العدالة الجبائية.
وكالات