
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_في خطوة وُصفت بأنها «تسوية مشرفة»، وافقت دول مجموعة السبع على إعفاء الولايات المتحدة من تطبيق الحد الأدنى للضريبة العالمية على الشركات متعددة الجنسيات، والمحدد بنسبة 15 بالمئة، لتجنب مواجهة اقتصادية قد تشعل نزاعاً تجارياً واسع النطاق مع واشنطن.
أعلنت الرئاسة الكندية لمجموعة السبع مساء السبت التوصل إلى الاتفاق، مؤكدة أن القرار يهدف إلى حماية الاقتصاد العالمي من تداعيات إجراءات انتقامية كانت إدارة الرئيس دونالد ترامب تهدد بفرضها، ضمن مشروع قانون الإنفاق الضخم المعروف باسم «القانون الكبير الجميل».
وقال وزير المالية الإيطالي، جيانكارلو جيورجيتي، للصحفيين المحليين: «إنها تسوية مشرفة لأنها تنقذنا من الإجراءات الانتقامية التلقائية المنصوص عليها في المادة 899 من مشروع القانون الكبير الجميل».
نظام “جنباً إلى جنب”
الاتفاق ينص على إنشاء نظام «جنباً إلى جنب» يستثني الشركات الأمريكية من قواعد الحد الأدنى للضرائب، مع التزام جميع الأطراف بالسعي لتحقيق مزيد من الاستقرار في النظام الضريبي الدولي.
يأتي هذا التطور في وقت حساس، إذ تخوض الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مفاوضات تجارية صعبة قبل الموعد النهائي المحدد في التاسع من يوليو/تموز. وكان ترامب قد هدد بزيادة الرسوم الجمركية على السلع الأوروبية حتى 50 بالمئة إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق تجاري مقبول من وجهة نظره.
وأبدت كل من كندا، واليابان، والمملكة المتحدة، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي، استعدادها لتقديم التنازل بهدف تفادي ردود فعل اقتصادية قاسية من واشنطن.
اتفاق تاريخي مهدد
كان الحد الأدنى للضريبة على الشركات بنداً أساسياً في الاتفاق التاريخي الذي توسّطت فيه منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) عام 2021، بمشاركة نحو 140 دولة، سعياً إلى الحد من المنافسة الضريبية بين الدول وفرض نظام ضريبي عالمي أكثر عدلاً. إلا أن الولايات المتحدة لم تصادق حتى اليوم على الاتفاق عبر الكونغرس، ما جعل تطبيقه يواجه عقبات كبيرة.
مقابل الإعفاء، وافقت الولايات المتحدة على إسقاط ما يعرف بـ «ضريبة الانتقام»، وهي تدابير كانت موجهة ضد الدول التي تفرض ضرائب تعتبرها واشنطن «تمييزية» على شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبرى. وكانت إدارة ترامب تتعرض لضغوط شديدة من دوائر الأعمال الداخلية، التي حذرت من أن فرض هذه الضريبة قد يضر بتدفق الاستثمارات الأجنبية إلى الولايات المتحدة.
وكتب وزير الخزانة الأمريكي، سكوت بيسنت، يوم الخميس: «لقد طلبت من مجلس الشيوخ ومجلس النواب إزالة الإجراء الوقائي المنصوص عليه في المادة 899 من مشروع القانون الكبير الجميل».
وأقر بيان مجموعة السبع بأن إزالة المادة 899 ضرورية للتوصل إلى هذا «الفهم الشامل» الذي يحفظ استقرار النظام الضريبي الدولي.
معركة السيادة الضريبية
استهدفت إدارة ترامب قاعدة محورية في اتفاق منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، تعرف بـ «قاعدة الأرباح غير الخاضعة للضريبة»، التي تلزم الدول التي تقل معدلات ضرائبها عن الحد الأدنى البالغ 15 بالمئة بتحويل إيرادات ضريبية إضافية إلى البلدان التي تنتمي إليها الشركات الأم. واعتبر ترامب هذا البند تدخلاً غير مقبول في السيادة الوطنية الأمريكية، إذ يعني عملياً تحويل إيرادات ضريبية أمريكية إلى دول أخرى.
وكتب بيسنت في بيانه: «تظل إدارة ترامب يقظة ضد جميع الضرائب الأجنبية التمييزية والخارجة عن الحدود الإقليمية المطبقة على الأمريكيين».
انتقادات أوروبية وتحذيرات
رغم الترحيب الحذر من بعض العواصم الأوروبية، يرى آخرون أن التنازل يمثل ضربة قاسية لاتفاق الحد الأدنى للضرائب. وقال مسؤول فرنسي، طالباً عدم ذكر اسمه: «نحن لا ندّعي النصر، لكننا تجنبنا عبئاً ضخماً كان سيلحق بالشركات الفرنسية بسبب الضريبة الانتقامية الأمريكية».
غير أن ماركوس مينزر، من منظمة «شبكة العدالة الضريبية»، وصف الاتفاق بأنه «استسلام أمام ضغوط ترامب»، محذراً من أن إعفاء الولايات المتحدة من الاتفاق «يجعل النظام الضريبي العالمي عديم الفائدة تماماً. السفينة لن تطفو إذا كان فيها ثقب بحجم الولايات المتحدة».
وفي بروكسل، اكتفى مفوض الضرائب في الاتحاد الأوروبي، فوبكي هوكسترا، بتصريح مقتضب على منصة X، قال فيه: «من الرائع أن نرى علامات التقدم في مجموعة السبع بشأن الضرائب الدولية»، من دون الخوض في التفاصيل.
وبينما تبدو العواصم الغربية قد نجت مؤقتاً من مواجهة تجارية مع واشنطن، يرى مراقبون أن الاتفاق قد يقوّض الجهد الجماعي لإرساء نظام ضريبي عالمي أكثر عدلاً، ويترك الباب مفتوحاً أمام مزيد من الأزمات في المستقبل.
أوروبا بالعربي