
محمد الظفير_ محرر الشؤن الافريقية بشبكة المدار
المزار ( مهرجان الاسمري للذكر)
المكان والمكانة_فوزي عمار .
يقول النبي ﷺ:” سبق المفردون، قالوا: يا رسول الله!
ما المفردون؟ قال: الذاكرون الله كثيراً والذاكرات”
و يقول الله جل وعلا في كتابه العظيم: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا )
ثاني يوم العيد من كل عام يقام في مقام الامام عبدالسلام الاسمر الفيتوري الحسني الادريسي حفيد سيد الخلق ﷺ
بمدينة زليتن مهرجان للمحبة والتسامح والتعايش السلمي
يسمى ” المزار “
وعبر التاريخ يرتاده الليبيون من كل انحاء ليبيا متوشحين بالزي الليبي الأصيل، راسمين جدارية وفسيفساء بشرية وفنية جميلة تظهر حضارة ليبيا المتنوعة في يوم فرح وسعادة حامدين الله كثيرا على ما أتاهم من فضل.
تتجمع طائفة من الفرق الصوفية الذاكرة لله كثيرا
والمصلية على سيد الخلق سيدنا محمد ﷺ.
راسمة صورة ثراتية ثقافية في المخيال الشعبي الليبي.
إنها طهارة وبركة المكان واجتماعية وسمو المكانة.
انها القيمة والقامة للولي الصالح
ومسجد اقيم على التقوى
يؤسس المزار منذ عقود لحالة عفوية من السلم الاجتماعي
تحت دين الإسلام الوسطي البعيد عن ثلوت السياسة والغلو والعنف والمصلحة والحسابات الضيقة…
انها حالة تسامح صافية نقية تربي عليها آبائنا وأجدادنا الذين كانوا أكثر تسامح منا لأن الحياة كانت أقل تعقيدا أكثر روحانية وبساطة وأبعد عن الماديات والسطحية.
انه مهرجان للمحبة والتسامح ونشر الود والاخاء .
ودعوة لاطعام الطعام للفقراء دون أشعارهم بفقرهم وخدش كرامتهم فهم مدعوون للأكل مع عامة الناس وصفوتهم دون تميز.
و للأمانة مازالت الصوفية والنص الصوفي تحديدا في حاحة لشرح وافي فالكثيرون عاجزون عن فهم النص الصوفي الذي
هو اصلا شديد التعقيد .. فالنص الصوفي يتماهى مع الانسان الكامل والنقي .. والذي هو نتاج نفخ الله في الانسان من روحه وليس كما يصوره بعض سلفيو النص الذي يقرؤون ظاهره ويركزون على شوائب وسلوك بعض مرضي المتصوفة
( وهم قلة قليلة ) ولا يغوصون في بحور الصوفية العميقة واعماق نصوصها المليء بجواهر ودرر القيم.
فالصوفية تزكية للنفس .
الصوفية التي نشرت الاسلام وقادت حركات الجهاد ضد المستعمر هي نفسها من أسست للتعايش السلمي الذي تشهده غرب أفريقيا مثل ما فعلت التيجانية في السنغال .
الصوفية الزاهدة في الحكم والسلطة لم تلجأ يوما للعنف كباقي الفرق الاخرى .
الصوفية اشبه بفلسفة العلوم التطبيقة التي هي علوم صوفية نوعا ما.. فهي تسعى لفهم اصل الأشياء وكننها وجوهرها
ولا تهمها القشور وظاهر النص الا ما يتطابق مع المعنى.
الصوفية هي الوصول لمقام الإحسان وهي أن تعبد الله
كأنك تراه وان لم تكن تراه فهو يراك.
فغاية الدين هي التقوى والاحسان .
قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ).
وهي مثل علم العقيدة وعلم التجويد التي لم تكن قائمة
في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة.
لقد انتج رواد التصوف فكرا ونصوص ابهرت العالم ومنهم الشيخ محي الدين ابن عربي و جلال الدين الرومي ..
وغيرهم كثيرون يعترف لهم العالم اليوم بعالميتهم.
مما لاشك فيه ان مؤخرا شاب الصوفية بعض الشؤائب
من بعض مدعي التصوف ومرضى الصوفية واصبحت
طوقسهم عادة وليست عبادة وليست من الصوفية في شيء.
ومن جهة اخرى فإن المنتقدين لهم وهم غلاة سلفي النص لا يفرقون بين المستوى العقدي والمستوي الفقهي وبين العادة والعبادة.. وبين الاصول والفروع. خاصة الفقه الوافد المسيس .. كما انها غير ملزمة لأحد ولا تفرض نفسها بالعنف كبعض الفرق الاخرى.
قال الإمام احمد زروق في القاعدة الخامسة والثلاثين في كتاب قواعد التصوف :
” فغلاة المتصوفة كأهل الأهواء من الأصوليين وكالمطعون عليهم من المتفقهين، ويُرد قولهم ويُيجتنب فعلهم ولا يُترك المذهب الحق الثابت بنسبتهم له وظهورهم فيه.وقال في القاعدة السادسة والعشرين: ولم يكف التصوف عن الفقه بل لا يصح دونه ولا يجوز الرجوع منه إليه وإن كان أعلى مرتبة فهو أسلم وأعم منه مصلحة ” .
إن الهجوم على الصوفية اليوم اغلبه يأتي من انصار ابن تيمية متناسين أن ابن تيمية نفسه كان يصف الصوفي الكبير عبدالقادر الجيلاني بالشيخ الجليل(قدس سره).
فالخلاف مع الصوفية وكثرة اللغط هو من أساء للصوفية عن قصد وغرضية وتوجه سياسي مبيت او عن جهل بها.
كم نحن في حاجة للعودة لحالة الود والمحبة والتقوى والإحسان وتزكية النفس والابتعاد عن الوقوع في فخ الحقد والبغض والكراهية وذلك سبيل الصوفية تاريخيا وإلى هذا اليوم.
واخيرا نقول ان الصوفية كانت ولازالت منارة المودة والوئام وطريق السلم الاجتماعي لكل الشعوب التي نشرت الاسلام فيها.
عيد أضحى مبارك #
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_