
نجلاء الخضراء
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_يتقاطع اليوم فرحتي بذكرى ميلادك مع بداية مرحلة الانطلاق بحياتك أهديك فيه بضع كلمات تنير طريقكوتمنحك القوة والحجة والرؤية الواضحة في مواجهة صخب الحياة وبهرجها، نقف اليوم ياولدي على ما تركه الأجداد من تراث متمثل بالقيم والعادات والتقاليد والمأكل والملبس والخبرات والممارسات والعلوم والفنون وأساليب التعبير والتفكير والتفاعل مع المحيط. حيث تغذت وتبلورت الهويهالقومية على التراث وتراكماتهوتطوراتهعلى مر التاريخ، لذا لا يمكن للعربي أن يبتر اتصاله بتاريخه وتراثه وأصالته لأن فيه حكم على أمتنا العربية والسلامية بالموت.
حرص سبحانه وتعالىياولدي على نقل قصص الأولين في القرآن الكريم لفهمها وأخذ العبر منها والاستفادة من تجارب السابقين ودروس تاريخ الأمم السابقة والتعرف على السنن الكونية والقواعد الثابتة على مر التاريخ،فللظلم نهاية مهما طال زمنهولابد للحق ان يعود لصاحبه
قال تعالى: (كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد أتيناك من لدنا ذكرا)الأية 99 من سورة طه.
بمعرفة التاريخ فقط تستطيع ادراك الحقيقة يا بني واتخاذ مواقفك من تجارب السابقين وربطها بحاضرك لتصل إلى مستقبلك الباهر وتأخذ مكانك بين نجوم سمائي وسماء الوطن مع رفاقك لأنكم قوتنا وطاقتنا والقادرون على حمل الراية وتحمل المسؤولية والأكثر استعدادا لتقبل كل جديد والتعامل والتكيف معه بسهولة والابداع فيه.
ان فلسطين على موعد مع التحرير يا رمش عيني وها هو الأقصى يناديكم ويستنصركم فلبوا النداء واعلموا أن وعد الله نافذ لا محالة، فلمن يكون هذا الشرف العظيم؟
أمير أحلامي عدونا بكل صولاته وجولاته أضعف من أن يواجه أمة العروبة والإسلام ان قامت ونهضت من كبوتها، فهي أمة الحضارات والأنبياء والانتصارات والأباطرة والقادة وهي أمة بدروعين جالوت واليرموك وحطين، استطاعت الصمود أمام الغزاة والطامعين وصهر ثقافاتهم ضمن ثقافتها فكانت الأقوى على مر التاريخ.
درس عدونا تاريخنا وعرف سر قوتنا وبدأ البحث في عوامل ضعفنا والعمل على تفكيك مفاصل حضاراتنا، فقام باستدراج الشبابنا واقناعهم بالثقافة الغربية وايهامهم بقدم وبلاء الثقافة العربية بدلا من تأصلها وتجذرهاوعدمقدرتها على التماهي مع الحداثة وحضارات اليوم، وأن التاريخ العربي ليس إلاتاريخ لحروب واقتتال بين القبائل على الماء والكلاء وربما النساء، وأن التاريخ الإسلامي لم يتم توثيقه بالطريقة الصحيحة،ورفعوا شعارات البحث العلمي والحيادية وكانت أبحاثهم أبعد ما يمكن عن التجرد والواقعية العلمية، فحملت انحراف واضح إلى الاستشهاد بتاريخ مزيف وأقوال حملت بنات أفكارهم التي عملوا على تطبيقها على الواقع العربي والإسلامي، وقياس الوقائع التاريخية المعروفة بواقعنا الحالي دون الأخذبالسياق السياسي لها،بعيدا عن المقارنة بين ميزان القوى عندما كانت القوة والسيطرة عربية إسلامية أما اليوم فهي غربية صهيونية بامتياز، والكثير من العوامل الأخرى المحيطة بالحدث بعين الاعتبار وهو مايقود إلى الضلال والتخبط في الاستنتاجات والمعاهدة. فالمعاهدة التي تكون ضرورية لمصلحة الأمة في لحظة ما قد تعتبر خيانة أو تفريط وبيع للحق في وقت آخر.
وهو مايقوم به المنادون للسلام مع الكيان المحتل والمدافعون عن تسوية العلاقات معه، وما نجده على مواقع التواصل الاجتماعي من مبرراتواستشهاداتاعتمدت على فتاوي دينيةبإجازة الصلح مع اليهود، بقياسصلح الحديبية الذي عقده الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام مع مشركي قريش في السنة السادسة للهجرة،وكذلك صلح الرملة الذي أبرمه صلاح الدين الأيوبي مع ريكاردوسقلب الأسد ملك بريطانيا عام 1192م أي بعد تحرير القدس ومعظم أراضي الشام بخمس سنوات تقريبا، وقد رفض صلاح الدين حينها لقاء ريكارديوس قلب الأسد وفاوضه أخوه الملك العادل.
بمقارنة سريعة يا سندي بين معنى الصلح والسلام الذي يروجون له اليوم نجد أن الصلح هو وقف القتال لمصلحة حتى ينقضه العدو أو تزول المصلحة أو أنه يكون محدد لفترة معينة فكان صلح الحديبية عشر سنوات وكان صلح الرملة محدود الأجل، ولم يكن اعترافا تاريخيا ومؤبدا بحق العدو في الأرض وتنازل عن أرض يبذل أهلها الغالي والنفيسللدفاع عنها.
حمل صلح الحديبية مصالح للمسلمين واعترف صلح الرملة بسيادة المسلمين على القدس وأبعد العدو عنها وأعاد قلب الأسد إلى بلاده وخلص أهل الأرض من شرهوبقي صلاح الدين متحصنا في القدس ما أجبر الفرنجة والصليبيين على التخلي عن حملتهم الثالثة على بلاد الشام بعد أن حصرهم في شريط ساحلي ضيق، ولم يؤدي إلى استيطان العدو في فلسطين واحتلالها وابعاد أهلها عنها.
يشترط الصلح ياولدي ألا يحمل بين طياته موالاه ومظاهره للعدو المتعدي على أصحاب الحق بينما نجد الموالاه الصريحة للعدو والتحالف معه من بنود معاهدات السلام الرئيسية بل يمضي إلى أكثر من ذلك فيطال المناهج التعليمية والأفكار العقائدية لتصب في مصلحة العدو، إضافة إلى مدّه بأسباب القوة كالنفط والغاز والمياه والمضحك ياولدينراه في بند التعاون مع العدو على من يرفضه من أصحاب الحق والأرض.
اعلم يا وتين القلب أن فلسطين دار السلام وهي عربية إسلامية وليس لغير العرب والمسلمين حق بشبر منها، فعليك مع أبناء جيلك التمسك بعقيدتكم والايمان بمعتقداتكم وأن يكون ولاؤكم لوطنكم برفع رايته والاعتزاز بانتمائكم له والتمسك بهويته، وفهم تاريخه، والوعي بواقعكم وتعلم لغة عدوكم، لتصنعوا مستقبلكم الحر بالتعامل الحريص مع الحداثة وانتقاء ما يناسبكموالعمل على تطويره حسب زمانكم دون المساس بجوهر تراثكم وفطرتكم وتحريفه عن أصالته، لتنقلونلأبنائكم تراثا عربيا وثقافة منفتحة بلمسة حداثية تحمل واقعكم وما وصلكم من آباءوأجداد أضاؤا لكم طريقكم وسيبقون نبراسلأجيال المستقبل.
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_