
نجاة أحمد الأسعد
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_بما أننا في ايام فضيلة والحجاج يتحضرون للذهاب للحج سنتحدث عن الحج أيام زمان ولن نبتعد تاريخا أكثر من أربعة قرون، ونتحدث عن عادات الحجاج في بلاد الشام وما يحصل لهم ونا يقومون به .
في البداية نذكر مثلا شعبيا قديما كان يردده أهل الماضي في أيام الحج وهو “الذاهب للحج مفقود والعائد منه مولود”، وهذه العبارة كانت تتردد كل عام مع مغادرة الحاج لبلده، فإذا ما عاد لاقى أجمل استقبال ليس فقط لأنه أدى المناسك بل لأنه عاد سالماً ولم يمسسه أذى.
حيث كانت الصعاب والمشاق التي يتكبدها الحجيج أيام العهد العثماني فكان يستغرق سفر الحجيج الشامي أربعة أشهر كاملة.
تبدأ رحلة الحج قديماً عندما ينوي المرء أن يحج ويعقد العزم على ذلك باستعداده قبل موسم الحج بعدة أشهر، حيث يعد له راحلة يطعمها ويهتم بها لتقوى على قطع مهالك الطريق وبعد ذلك يبدأ الحاج في جمع ما يحتاجه من نقود بسيطة لقلة ذات يد الكثيرين في ذلك الزمن فتراه يضاعف جهده من أجل شراء الراحلة وتأمين لقمة العيش التي ستسد رمقه أثناء الرحيل وحين العودة إضافة إلى قيمة الهدي للقادرين ولمن يختار نسك التمتع في الحج وبعد أن يجتمع حجاج كل بيت مع أقاربهم وأصدقائهم وبعد آهات الوداع الممزوجة بالدموع الحارقة يخرج حجاج كل بلد في طريق معروف ليلتقوا مع إخوانهم من حجاج المنطقة ويكونوا ركباً متعاوناً .
وكانت الراحلة التي تغذى جيداً قبل الرحيل بفترة لتقوى على قطع مهالك الطريق يوضع على ظهرها “الشداد” ويسميه البعض “المسامة” لركوب الرجل على ظهرها ويوضع للمرأة “هودج” أو “الكواجة” وهو بمثابة خدر للمرأة تركبه ويسترها عن أعين الرجال ويصنع من الخشب ويستر بالقماش ويكون على هيئة صندوق مرتفع السقف يسمح للمرأة بالجلوس فيه براحة كما تزود الراحلة بالمزاود التي تعلق على جانبي الراحلة وهي عبارة عن أكياس مصنوعة من الصوف لحفظ المتاع البسيط ويكون المشي خلال رحلة القافلة أثناء برودة الجو وعندما تشتد حرارة الشمس في الظهيرة يتوقف الركب للراحة تحت ظل الأشجار . ويعمد المسافرون أثناء الرحلة إلى أكل بعض الطعام كل على حدة مع أهل بيته بعد أن يترك المطية ترعى حولهم وقد يكون هذا الطعام بضع تميرات مع مذقة ماء باردة من القرب المملوءة وقد يعجن البعض من الموسرين الطحين “دقيق القمح” ويتبعه بشرب الماء ومن ثم تواصل القافلة المسير إلى وقت الليل فيتوقف الركب ويعقل كل راحلته حتى لا تسري أثناء الليل وتتركه بلا راحلة بل إنّ البعض منهم يعقلها ويتوسد يدها لينام الليل وخصوصاً وقت شدة البرد حيث تجلب له الدفء . وبعد الوصول إلى مكة يؤدي الحجيج حجهم في الاستقرار بمنى ومن ثم الذهاب إلى عرفة حيث يجلسون في العراء فلا خيام ولا منازل تؤويهم فالأرض فراشهم والسماء لحافهم بعد ذلك يبيتون في مزدلفة وإذا أصبحوا ذهبوا إلى منى لرمي جمرة العقبة ونحر الهدي لمن كان متمتعاً وكانت قيمة الهدي آنذاك لا تتعدى الثلاثة ريالات فيأكل الحجيج من هديهم ويستطعمون اللحم الذي لم يتذوقوه منذ أشهر وبعد إتمام الحج يعمد الحجاج إلى تجفيف اللحوم المتبقية من لحوم الهدي وذلك بتشريح اللحوم وإضافة الملح إليها ليبعد الماء ويسرع في تجفيفه ويسمى اللحم المجفف “القفر” فيأكلونه في طريق العودة وقد يتبقى قليل منه ليأكله العائدون إلى ديارهم مع أهاليهم ويكون له طعم ومذاق خاص لا ينسى .
وعندما يصل الحاج إلى البلد وبيته يتم استقباله بالعراضه الشامية ورقصه السيف والترس فرحا بعودته سالما كما يتم تزين منزله باعلام صنعت خصيصا لهذه المناسبه وعبارات الترحيب واوراق الزينة والاضاءات وقد يصل الأمر لإطلاق الأعيرة النارية في الهواء وقد يمتد الاحتفال سبعة ايام ‘ وقد تقرأ موالد بهذه المناسبة والبعض يقوم بذبح الخرفان او النوق وتوزيعها على الفقراء حسب الحاله المادية
واخيرا لا مقارنة بين ما كان يعانيه الحاج في الأيام الخوالي من مصاعب الطرقات وأخطار غزو البدو ناهيك عن ظروف الطقس وتقلبات الجو بالإضافة إلى انعدام وسائل الراحة في السفر والأكل والشرب وبين ما يجده الحاج في هذه الأيام من سهولة المواصلات البرية والجوية، بالإضافة إلى توفر الأمن والأمان في كل مكان، وأينما رحل وارتحل يجد اليسر والراحة حتى في أداء مناسك الحج. فهنئيا لمن كان حجه في هذا العام ، وندعو الله سبحانه وتعالى أن يدعونا لأداء فريضة الحج.
والى حديث آخر عن عادات بلادي نلتقي الأسبوع القادم
https://www.facebook.com/share/v/15U6SEt2mF/
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_