شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_أثارت المفاوضات الأخيرة حول قواعد الشحن الأخضر في لندن توترًا غير مسبوق بين الولايات المتحدة ودبلوماسيين من الاتحاد الأوروبي، بعد أن اتهم مسؤولون أوروبيون واشنطن باستخدام تهديدات شخصية للضغط على الوفود لدعم موقفها.
وقالت مصادر في المفوضية الأوروبية لصحيفة بوليتيكو إن المفاوضين الأوروبيين عادوا إلى ديارهم في حالة من التوتر والقلق بعد الاجتماعات المغلقة، التي شهدت تهديدات مباشرة بالعقوبات على الدول والأفراد في حال معارضتهم للولايات المتحدة.
ووفقًا لثمانية مسؤولين أوروبيين ومراقبين من المجتمع المدني الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، تضمنت التهديدات احتمالات وقف الأعمال وفرض رسوم جمركية وقيود على تأشيرات أفراد العائلات.
وأفاد أحد المسؤولين الأوروبيين: “لم يشهد مفوضونا هذا من قبل في أي محادثات دولية. استدعاء أشخاص إلى السفارة الأمريكية في لندن واستخدام التهديدات المباشرة كان أمرًا صادمًا”.
وأضاف أن الضغوط الأمريكية تركت الدبلوماسيين الأوروبيين في حالة من القلق المستمر بعد انتهاء الاجتماعات.
وقد جاءت هذه التوترات في إطار محاولة الولايات المتحدة عرقلة فرض ضريبة على التلوث البحري، وهو مشروع دعمته المفوضية الأوروبية والعديد من الدول الأعضاء، في اجتماع المنظمة البحرية الدولية – وكالة تابعة للأمم المتحدة تشرف على قطاع الشحن البحري العالمي.
ويضم اجتماع المنظمة 176 دولة، معظمها تطبق إجراءاتها الوطنية وفقًا للاتفاقيات الدولية.
وقال مراقب حضر المحادثات: “لقد كانت العملية مستمرة بشكل مكثف، والضغوط الأمريكية أدت إلى خلق حالة من الفوضى، وتأجيل اعتماد الاتفاق النهائي”.
وأكد كريستيان دي بيوكيلير، أستاذ سياسة المناخ والنقل البحري في جامعة ملبورن، أن “التهديد المباشر للدول يقوض التعددية ويعطل عمل الهيئات الدولية كما نشأت منذ الحرب العالمية الثانية”.
من جهتها، أعلنت الولايات المتحدة علنًا عن موقفها قبل الاجتماع، متعهدة بفرض رسوم جمركية وعقوبات على المسؤولين الذين يدعمون سياسات المناخ الدولية.
وأكد وزير الطاقة الأمريكي كريس رايت ووزيرة الزراعة بروك رولينز أنهما اتصلا شخصيًا بأكثر من 20 دولة للضغط عليها، بما في ذلك دول الكاريبي ودول جزرية أخرى، لإجبارها على تأجيل فرض ضريبة الانبعاثات.
وأوضحت مصادر يونانية أن اختيار أثينا لتأجيل التصويت لم يكن مرتبطًا بالضغط الأمريكي، حيث قال رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس: “لقد اتخذنا قرارنا قبل تدخل الولايات المتحدة بكثير، ولم أتحدث إلى الرئيس ترامب بشأن هذا الأمر”. ومع ذلك، أعرب مسؤولون أوروبيون عن استيائهم من أسلوب الضغط غير المسبوق الذي واجهوه.
وتأتي هذه التحركات في ظل عودة إدارة الرئيس دونالد ترامب، التي سعت إلى تقويض السياسات المناخية العالمية وتعزيز مصالح شركات الوقود الأحفوري الأمريكية.
وقد وصف ترامب جهود الحد من الانبعاثات البحرية بأنها “عملية احتيال”، مؤكدًا أنها ستفرض ضرائب غير مبررة على شركات الشحن الأمريكية.
وأدت هذه الضغوط إلى قرار تأجيل ضريبة الانبعاثات البحرية لمدة عام، وهو ما اعتبره العديد من المراقبين انتصارًا سياسيًا لإدارة ترامب.
وأشاد بعض المسؤولين الأمريكيين بالخطوة بوصفها “دبلوماسية حقيقية قائمة على المصلحة الوطنية”، كما جاء في مقال رأي لوزير الخارجية ماركو روبيو في وول ستريت جورنال.
في المقابل، يرى المراقبون أن استخدام التهديدات الشخصية في المفاوضات يمثل انحرافًا عن الأعراف الدبلوماسية، ويزيد من حدة التوتر في العلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ويضعف الثقة في المؤسسات الدولية المعنية بالتعددية والتعاون المشترك.
وقال مراقب من إحدى منظمات المجتمع المدني: “لقد خلق الضغط الأميركي جوًا من الخوف والارتباك أدى إلى تأجيل المبادرة، وهذا ليس تصرفًا مألوفًا في المحافل الدولية”.
وتشير التطورات الأخيرة إلى أن السياسة الأمريكية في مجال المناخ أصبحت أكثر تصادمًا مع الاتحاد الأوروبي، وأن التحديات أمام الجهود الدولية للحد من الانبعاثات البحرية ستستمر في ظل الضغط المباشر وغير التقليدي الذي تمارسه واشنطن على المفاوضين الدوليين.
أوروبا بالعربي
