
قراءة بمقال الدكتور هشام عوكل حرب الوعي: رواية فلسطين في عصر الذكاء الاصطناعي
في العصر الرقمي، يواجه السرد الفلسطيني تحديات وفرصًا كبيرة في حرب الوعي، حيث لم تعد الحروب تقتصر على الأرض بل تُخاض عبر الخوارزميات والسيرفرات ومكاتب العلاقات العامة.
التحديات التي يواجهها السرد الفلسطيني:
•
تحديد الرواية والتحكم بها: تتقدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي في تصفية المحتوى وحذفه وتصنيفه، وتحديد من هو “الإرهابي” ومن هو “الضحية” بناءً على معايير يضعها مهندسون وجنود، مما يجعل الكلمة أخطر من الرصاصة والصورة أقسى من القصف.
•
حذف المحتوى وتشويهه: يمكن أن تُحذف الحقيقة إذا لم تتفق مع “المعايير”، وتختفي الفيديوهات التي توثّق جرائم مثل قتل الرضع لأنها “تنتهك معايير المجتمع”، وهو مجتمع تحكمه خوارزميات تتأثر باللوبيات واللجان العاملة عن بُعد. تؤدي هذه العملية إلى دفن الروايات وتشويهها أو اقتطاعها.
•
تصاعد خطر المحتوى المزيّف: يواجه السرد الفلسطيني خطر انتشار الفيديوهات المزيفة والتحليلات المفبركة والأصوات المستنسخة لزعماء والأخبار من عالم موازٍ، مما يخلق فوضى تُطرح فيها تساؤلات حول من يربح الوعي في هذه الفوضى.
•
محو الذاكرة الرقمية: هناك خطر حقيقي بأن تستمر الخوارزميات في حذف الوجع وتزييف المأساة، وقد نصل إلى زمن يُمكن فيه محو اللاجئ من الذاكرة الرقمية كما مُحي من الأرض، وتُغفل المجازر لعدم توثيقها تقنيًا، ويُلام الشهيد أو تُدان الأم لأن صرخاتها لا تفهمها الخوارزميات. فإذا صار التاريخ يُكتب على يد آلة، قد لا يُنصف الحزن إذا لم يكن قابلًا للمعالجة أو الأرشفة.
الفرص المتاحة للسرد الفلسطيني:
•
استخدام الأدوات البدائية الفعالة: يخوض الشعب الفلسطيني معركته بسلاح بدائي وهو الهاتف، حيث يمكن لشاب في جباليا، بالرغم من انعدام الكهرباء، أن يرفع فيديو لا يتجاوز ثلاثين ثانية يهز ضمير طالب في هارفارد.
•
تحويل المشهد وإثارة الأسئلة: تتحول المشاهد من غبار الركام إلى غبار الأسئلة التي تلاحق السياسيين في واشنطن بفضل الفيديوهات.
•
إظهار الحقيقة العارية: تنتفض الجامعات الأمريكية لأن الطلاب باتوا يرون الحقيقة عارية، بلا فلتر، وبلا صوت مراسل ينقلها من فندق فاخر.
•
فشل الآلة في إخفاء الحقيقة: الرواية الفلسطينية تنتصر، ليس لأن أحدًا أنصفها، بل لأن الآلة فشلت في إخفائها. فالذكاء الاصطناعي على الرغم من ذكائه، لم يتعلم بعد كيف يقتل دمعة أو يفلتر صرخة أم.
•
قوة الضمير الحي: الانتصار في حرب الوعي لا يتطلب وزير دفاع، بل يتطلب ضميرًا حيًا. يبقى السؤال حول ما إذا كانت فلسطين ستنتصر في الذاكرة الجماعية قبل أن تُهزم في ملفات التسوية.