الملف النووي الإيراني يعود إلى الواجهة

شبكة  المدار الإعلامية  الأوروبية …_منذ هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، تم تجاهل البرنامج النووي الإيراني المتطور إلى حد ما باعتباره تحديًا استراتيجيًا بواسطة دعم طهران لـ “محور المقاومة”. ومع ذلك، يبدو أن التقرير الصادر في أواخر شهر مايو 2024 عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أعاد مخزون طهران من اليورانيوم المخصب إلى قضية ذات أهمية قصوى.

وأكد التقرير أن إيران تواصل الاقتراب من عتبة الأسلحة النووية، حيث قدر أن طهران زادت مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المئة (القريب من درجة صنع الأسلحة) إلى 142.1 كيلوغرام. وتمثل هذه الكمية زيادة قدرها 20.6 كيلوغراما منذ آخر تقدير للوكالة الدولية للطاقة الذرية في فبراير2024. ويكفي هذا المخزون لبناء عدة رؤوس حربية نووية ـ إذا كان لإيران أن تكمل العملية التكنولوجية المباشرة المتمثلة في إثراء مخزوناتها إلى درجة نقاء تصل إلى 90 في المئة. وأشارت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن 41 كيلوغراما فقط من اليورانيوم المخصب بنسبة 90 بالمئة تكفي لصنع سلاح نووي في غضون أيام قليلة.  اجتماعات مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية انطلقت في العاصمة النمساوية فيينا.

 أجتمع يوم الرابع من يونيو 2024 مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لبحث قضايا التحقق والرصد بشأن البرنامج النووي الإيراني. وطرحت المجموعة الأوروبية ممثلة في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا مشروع قرار على مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يدين عدم تعاون إيران مع الوكالة. وينص مشروع القرارعلى وجوب أن توفر إيران وعلى نحو “ملح” تفسيرا “مقنعا من الناحية التقنية” لوجود آثار يورانيوم في موقعين غير مصرح عنهما. ومنذ قرار 2022، قلصت الوكالة عدد المواقع التي يتم التحقيق فيها بشأن الآثار إلى موقعين من ثلاثة مواقع، لكن إيران لم توضح بعد كيفية وصول الآثار إلى هناك.

ورغم نفي إيران وجود أي رغبة لديها في الحصول على القنبلة النووية فإن برنامجها يواصل تقدمه. ووفقا للوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإنها الدولة الوحيدة غير المجهزة بسلاح ذري القادرة على تخصيب اليورانيوم إلى مستوى 60% أو ما يقرب من 90% اللازمة لصنع الأسلحة، وجمعت كميات مخصبة منه تكفي لصنع ثلاثة قنابل نووية. ومن المقرر أن ينتهي اتفاق إيران لعام 2015 في أكتوبر 2025 في ظل الوضع الحالي، ومن المقرر أن تنتهي بعض القيود المفروضة على عدد أجهزة الطرد المركزي الذي يمكن لطهران تشغيلها في أكتوبر 2025.

هل تستطيع دول أوروبا الضغط على إيران؟

قالت الرئاسة الفرنسية بعد أن تحدث الرئيس إيمانويل ماكرون مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خلال شهر مايو 2024 إن فرنسا وشركائها يعتزمون زيادة الضغط على إيران بشأن برنامجها النووي لضمان احترامها لالتزاماتها الدولية. وجاء بيان الرئاسة الفرنسية بعد ساعات فقط من تقديم الدول الأوروبية إلى مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة قرارا ضد إيران وأكد ماكرون أن فرنسا، مع شركائها الدوليين، ستمارس الضغط على هل من عقوبات جديدة على إيران تستعد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات جديدة على برنامج الصواريخ والطائرات دون طيار الإيراني ردا على هجوم الجمهورية الإسلامية على إسرائيل يوم 13 أبريل 2024، لكن المملكة المتحدة والحكومات الأوروبية ترفض الضغوط الرامية إلى تصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية.

وقالت جانيت يلين، وزيرة الخزانة الأمريكية، في أعقاب ذلك، إن الإدارة مستعدة لاتخاذ “إجراءات عقوبات إضافية ضد إيران في الأيام المقبلة”. وأضافت أن الولايات المتحدة ستعمل مع حلفائها بشأن التدابير الرامية إلى تعطيل“أنشطة النظام الإيراني الخبيثة والمزعزعة للاستقرار”، مضيفة أنه قد يكون هناك “المزيد للقيام به” فيما يتعلق بتجارة النفط في طهران. وتؤيد أغلبية متزايدة من عواصم الاتحاد الأوروبي العقوبات الجديدة، التي ستستهدف الشبكات الإيرانية التي تزود الجماعات المسلحة المدعومة من إيران في جميع أنحاء المنطقة، وفقا لأشخاص مطلعين على الأمر. 

ماهي العقوبات التي ستفرضها أوروبا على إيران

قالت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، إن الاتحاد الأوروبي فرض فعلًا عقوبات على الإمدادات العسكرية الإيرانية التي تستخدمها روسيا في حربها ضد أوكرانيا. وأضافت أن ألمانيا وفرنسا وشركاء آخرين في الاتحاد الأوروبي سعوا في أواخر العام الماضي 2023 إلى توسيع نطاق العقوبات لتشمل أنواعا أخرى من الصواريخ في ترسانة إيران. وقالت بيربوك : “آمل أن نتمكن الآن كالاتحاد الأوروبي من اتخاذ هذه الخطوة معًا”. وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان ، إنه بالإضافة إلى إدراج برامج الصواريخ والطائرات دون طيار الإيرانية في القائمة السوداء، ستستهدف الولايات المتحدة أيضًا الكيانات التي تدعم الحرس الثوري ووزارة الدفاع الإيرانية، وأضاف: “هذه العقوبات الجديدة وغيرها من التدابير ستواصل الضغط المستمر لاحتواء وإضعاف قدرة إيران العسكرية وفعاليتها ومواجهة النطاق الكامل لسلوكياتها الإشكالية”.

وفي هذا السياق توصل الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق سياسي لتشديد العقوبات على إيران ردا على الهجمات الأخيرة التي شنت ضد إسرائيل. وحول الوضع في الشرق الأوسط، دعت وزيرة الخارجية الألمانية بيربوك إلى اتباع نهج أكثر صرامة ضد طهران وأضافت: “يجب عزل إيران. وفي الوقت نفسه يجب ألا يكون هناك المزيد من التصعيد.

النتائج 

ـ إن رفض إيران إلى مشروع القرار الأوروبي الذي يطالب إيران بتقديم تفسيرات عن آثار انشطة نووية في ثلاثة مواقع إيرانية غير مصرح بها، بات متوقعاُ. الرفض الإيراني يمكن أن يكون عن طريق القنوات الدبلوماسية.

ـ إن دول أوروبا “الترويكا” تتجه إلى اتخاذ مواقف أكثر تشدد ضد إيران في أعقاب الرد الإيراني على إسرائيل، عندما اطلقت إيران عدد كبير من الصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل يوم 13 أبريل 2024. وهذا يظهر وجود ضغوطات إسرائيلية على الدول الأوروبية لأتباع سياسات أكثر تشدداً. وفي نفس الوقت هناك توجه لدول أوروبا ولا سيما ألمانيا أن يكون لها دوراً أكبر في الملفات والنزاعات الدولية.

ـ إذا قامت إيران فقط بتخفيض بعض عمليات التفتيش أو المراقبة التي تجريها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولكنها أبقت على بعض العمليات الرئيسية ولم تنسحب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، فمن غير المرجح أن تكون هناك أي أزمة وشيكة مع الغرب.

ـ تستغل دول أوروبا ضعف الدبلوماسية الإيرانية خلال هذه الأيام في أعقاب مقتل الرئيس الإيراني ووزير خارجيته في حادث الطائرة يوم 24 مايو 2024، لترويج مشروع القرار.

ـ هناك انقسام في الموقف الأمريكي الأوروبي وهو ليس بالجديد، إلى حد يمكن القول هناك غياب للدور الأمريكي بالضغط على إيران، وربما هذا مرتبط بالانتخابات الأمريكية.

ـ إن إيران لا تتردد باستخدام القوة العسكرية ضد إسرائيل، وهذا ما يزيد قلق دول أوروبا والولايات المتحدة.

 المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات ـ ألمانيا وهولندا ECCI

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Previous post كيف سيكون الرد الروسي على التعزيزات العسكرية للناتو؟
Next post بارت دي ويفر الفائز بالانتخابات