شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_ أصدر مركز الزيتونة دراسة توثيقية بعنوان: “معالم على المسار الإسرائيلي لتقسيم سورية”، وهي من إعداد الباحث المختص بالشؤون الإسرائيلية الأستاذ إبراهيم عبد الكريم. وتُعنى الدراسة بتكوين مشهد للتحديات التي تتعرض لها سورية على المسار التقسيمي الإسرائيلي، الذي لا ينفصل عن الرؤية الصهيونية لتفكيك المنطقة العربية ككل، وإقامة كيانات عرقية ودينية وطائفية مستقلة فيها.
حيث تعمل الورقة على رصد جوانب من المساعي الصهيونية الأولى لتقسيم سوريا في السياق الاستعماري، وتقدم عيّنات كأسانيد من الخطط الإسرائيلية التقليدية لتقسيم سورية، والاعتبارات والدلالات الاستراتيجية لدى الصهيونية و”إسرائيل” حول ذلك، وبعض الطروحات التقسيمية الإسرائيلية خلال فترة الربيع العربي والثورة (الأزمة) السورية، ثم في مرحلة ما بعد سقوط نظام الأسد، وتتوقف عند حالة “ممر صلاح الدين/ داوود” الصيغة القديمة المتجددة التي وضعت قيد التداول. كما تستطلع الدراسة آفاق المراهنات الإسرائيلية لتقسيم سورية، وخيارات النظام السوري “الواقعية” حيالها.
وتؤكد الورقة الحقيقة التي تبلورت على مدى عقود من تنفيذ المشروع الصهيوني في فلسطين والصراع معه، وهي أن ما يتعلق بتجزئة سورية لا ينفصل عن رؤية الصهيونية لتفكيك المنطقة العربية ككل، وإقامة كيانات عرقية ودينية وطائفية مستقلة فيها. ومن ثمّ، فإنّ سورية المرغوبة المتصوَّرة إسرائيلياً يتعيّن أن تكون بلا هوية وطنية موحَّدة، وأن تتجزأ إلى كيانات فرعية، أو ما تحت وطنية، ضعيفة، تطلب دعم وحماية “إسرائيل”، أو على الأقل رضاها عنها.
ولعل من أبرز ما يثير الاهتمام في هذا المنحى، طغيان منسوب الحقد والكراهية المُفرِطة في النزعات الصهيونية والإسرائيلية التقسيمية، بصورة متمايزة عن حالات الصراعات العالمية، ولا سيّما عبر استخدام الأقليات كأداة في مشروع التجزئة الذي تتبناه “إسرائيل” وتحرص على تنفيذه، لتخريب سورية وإعادتها إلى “مرحلة ما قبل الدولة”.
وعلى الرغم من الحديث عن احتمال التوصل إلى اتفاق أمني بين “إسرائيل” وسورية، فإنّ هذه الدراسة تفترض أنّ اتفاقاً كهذا لن يُولّد وازعاً داخلياً ولا رادعاً خارجياً لـ”إسرائيل” لتكفّ عن مشروعها التقسيمي، ولن تلتزم بأي تقييد لها، إذا ما أخذنا بالحسبان التلازم لديها بين الفكر والممارسة، على قاعدة ثبات استراتيجيتها إزاء سورية.
