
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_تكشف دراسة حديثة صادرة عن جمعية (Solidaris) واقعًا مقلقًا لصحة العمال في بلجيكا الناطقة بالفرنسية. بحسب “سود انفو”.
تحت عنوان “مقياس الصحة والعمل”، تسلط هذه الدراسة الضوء على تدهور متنامٍ في العلاقة بين الوظيفة والصحة، وتدعو إلى إصلاحات هيكلية عاجلة لحماية العاملين وضمان بيئات مهنية أكثر إنصافًا وإنسانية.
من أبرز النتائج وأكثرها صدمة، أن 70% من العاطلين عن العمل أو الأشخاص ذوي الإعاقة يعبرون عن شعورهم بالإحباط بسبب غيابهم عن سوق الشغل، في تناقض صارخ مع الصور النمطية التي تفترض بأنهم غير راغبين في العمل.
كما يرى 67% منهم أن البطالة تُعمّق من عزلتهم الاجتماعية، مما يعزز القناعة بأن العمل ليس مجرد وسيلة للكسب، بل ركيزة أساسية للحياة الاجتماعية والنفسية.
لكن حتى أولئك الذين يملكون وظيفة لا يشعرون بالأمان أو الراحة، فقد أفاد 40% من العاملين أن عملهم خلال الأشهر الاثني عشر الماضية أثر سلبًا على صحتهم، فيما عبّر 83% عن اعتقادهم بأن العمل في العموم قد يؤدي إلى مشاكل صحية.
وتقول جمعية سوليداريس إن هذه الأرقام يجب أن تدفع أصحاب العمل إلى التفكير بجدية في ظروف العمل السائدة، والاهتمام بتوفير بيئات مهنية صحية، قائمة على ثقافة الإدماج، وحرية التعبير، واحترام الحاجات الجسدية والنفسية للموظفين.
الأمر لا يتوقف عند الانطباعات، بل يمتد إلى تصاعد فعلي في الضغوط اليومية، إذ يرى 84% من المشاركين أن المطالب الملقاة على عاتق الموظفين تتزايد باستمرار، سواء من حيث الجهد البدني أو العبء الذهني، فيما يقول 45% إنهم يواجهون يوميًا مواقف مرهقة أو مؤلمة، ويشكو 35% من تعرضهم المتكرر لمخاطر نفسية.
هذه الأرقام تشير إلى حاجة ملحة لإعادة النظر في توزيع المهام، وتوفير فترات راحة منتظمة، وتدريب الموظفين على الوقاية من الإرهاق الجسدي والنفسي.
المستقبل لا يبدو مشرقًا أيضًا، إذ يعتقد 64% من أطباء العمل أن صحة الموظفين لن تتحسن خلال السنوات العشر المقبلة، بل قد تتدهور أكثر.
ويؤكد هؤلاء على ضرورة تطوير سياسات صحية استباقية تعزز الدعم النفسي والمادي للعاملين، وتكرس علاقة أكثر توازنًا بين متطلبات العمل ورفاهية الفرد.
ومن أبرز نقاط القلق التي أوردتها الدراسة، تأخر تدخل الطب المهني، حيث يرى 67% من المشاركين أن الأطباء لا يتدخلون إلا بعد تفاقم المشاكل، مما يقلل من فعالية التدخلات الوقائية.
وتشدد سوليداريس على أهمية بناء شراكات فعالة بين الأطباء وأرباب العمل للكشف المبكر عن علامات الإرهاق أو الانهيار، وتقديم الدعم اللازم في الوقت المناسب.
أما على مستوى المسؤولية، فتشير الدراسة إلى أن 55% من المشاركين يحمّلون تنظيم العمل داخل الشركات مسؤولية التأثير الأكبر على صحة العمال، ما يضع تحديًا أمام الإدارات لإعادة التفكير في استراتيجياتها الإدارية وتبني سياسات تضع صحة الموظف في قلب الأولويات.
وختامًا، تطلق الدراسة نداءً واضحًا: 78% من المشاركين يرون أنه من الضروري إعادة النظر جذريًا في طريقة تنظيم العمل في بلجيكا.
المطلوب، وفق سوليداريس، هو إصلاحات هيكلية تُفضي إلى ظروف أكثر عدالة، تحترم الإنسان ككائن له حاجاته الجسدية والعاطفية، وتُعلي من قيمة الوقاية والتوازن، بدلًا من منطق الاستغلال المفرط والضغط المستمر.
وكالات