برلين – شبكة المدار الإعلامية الأوروبية
لم يعد كافياً الحديث عن “اندماج” الجاليات المسلمة في أوروبا، فهذا المصطلح يحمل في طيّاته فكرة أن هناك “آخرًا” يجب أن يذوب في مجتمع مغلق. ما تحتاجه أوروبا اليوم هو عقد اجتماعي جديد يعترف بالمواطنة الكاملة، دون شروط ثقافية أو دينية خفية.
البداية تكون من الدولة نفسها: عبر منح تمثيل حقيقي للمسلمين في المؤسسات التشريعية والإعلامية، وتمويل المساجد من مصادر وطنية (كما في فرنسا وألمانيا)، لقطع الطريق على التأثيرات الخارجية. كما يجب إعادة صياغة المناهج المدرسية لتضم تاريخ الهجرة ومساهمات المسلمين في بناء أوروبا الحديثة — من الطب إلى العلوم إلى الفنون.
لكن المسؤولية لا تقع على الدولة وحدها. فالمجتمعات المسلمة مدعوة أيضًا إلى تعزيز خطاب ديني يتوافق مع قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتمكين المرأة، ونبذ كل أشكال الكراهية. وليس المقصود هنا “أسلمة أوروبية” مُصطنعة، بل فقه واقعي ينبثق من تجربة الحياة في مجتمع تعددي.
المواطنة ليست هبة تُمنح، بل حق يُمارَس. والطريق إليها لا يمر عبر التنازل عن الهوية، بل عبر بناء فضاء مشترك يحترم التنوّع كقيمة جوهرية، لا كاستثناء مؤقت.
