التعليم العالي البلجيكي وضحايا للتحرش
شبكة المدار الإعلامية الأوروبية …_كشف مسح حديث أجرته جامعة لييج عن واقع مقلق في مؤسسات التعليم العالي في الاتحاد الوالوني-بروكسل، حيث أظهرت النتائج أن 56% من الطلاب والموظفين قد تعرضوا للتحرش الأخلاقي أو العنف.
وحسبما ذكرت RTL في تقريرها السبت، تعد هذه الإحصائية نقطة تحول في فهم حجم المشاكل التي يواجهها قطاع التعليم العالي، مما يستدعي بشكل عاجل مراجعة الأنظمة الوقائية ورفع مستوى الدعم المتاح للضحايا.
نتائج دراسة تكشف حجم الظاهرة: 56% من الضحايا
في دراسة أجرتها جامعة لييج في فبراير تحت إشراف وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي، فاليري جلاتيني، تم استعراض بيانات من 41 مؤسسة تعليمية في المنطقة. وبينما يعتبر التحرش والعنف من المواضيع الشائكة عالميًا، إلا أن الدراسة قدمت أرقامًا صادمة تُظهر أن 56% من المشاركين في الدراسة صرحوا بتعرضهم للتحرش الأخلاقي خلال فترة وجودهم في المؤسسات التعليمية. وتشمل هذه السلوكيات الإقصاء، تشويه السمعة الوظيفية، الألفاظ المهينة، ونشر الشائعات.
وتتنوع معدلات الانتشار حسب نوع المؤسسة التعليمية، حيث أظهرت الدراسة أن 53% من المشاركين في الجامعات، 59% في المعاهد العليا، و65% في مدارس الفنون قد تعرضوا لهذا النوع من التحرش الأخلاقي.
العنف الجنسي: تحدي مستمر في الحرم الجامعي
لا يقتصر الأمر على التحرش الأخلاقي، بل يشمل أيضًا العنف القائم على النوع الاجتماعي، حيث كشف التقرير أن 29.7% من المشاركين تعرضوا لسلوكيات عنيفة من بينها التلميحات الجنسية غير المرغوب فيها أو اللمس غير الرضائي، وهو ما يُعد انتهاكًا صارخًا للخصوصية الشخصية.
وفي الوقت الذي يُنظر فيه العنف الجنسي بشكل رئيسي على أنه قضية تخص النساء، إلا أن الدراسة تبرز أن هذه الظاهرة تؤثر على جميع الجنسين داخل وخارج الحرم الجامعي. وفي هذا السياق، يدعو الاتحاد الطلابي الناطق بالفرنسية (FEF) إلى إنشاء نظام دعم مستقل وشفاف لمساعدة الضحايا، يضمن معالجة حالات العنف الجنسي والاجتماعي بفعالية دون تدخل داخلي.
الثقة المتآكلة في مؤسسات التعليم العالي
أحد الأبعاد الأكثر إثارة للقلق التي أظهرتها الدراسة هو تآكل الثقة في المؤسسات التعليمية. العديد من الضحايا أبدوا شكوكًا في قدرة مؤسساتهم على معالجة شكاواهم بشكل فعال، في ظل وجود أنظمة دعم تُعتبر غير كافية أو غير مدربة بما يكفي للتعامل مع حالات العنف. هذه الثغرات تساهم في استمرار معاناة الضحايا دون الحصول على الدعم المطلوب.
توصيات ومقترحات للإصلاح: ضرورة تدابير وقائية حاسمة
من بين الحلول التي تم اقتراحها لمعالجة هذا الوضع المقلق، تشجيع إدخال “أماكن آمنة” داخل الجامعات والكليات، والتي ستوفر بيئة داعمة وآمنة للضحايا. بالإضافة إلى ضرورة إنشاء أنظمة مساعدة خاصة بكل مؤسسة، مما يساعد على تقديم الدعم الملائم للطلاب والموظفين الذين يتعرضون لهذه الانتهاكات.
من جانبهم، يدعو الطلاب إلى تنفيذ حملات توعية شاملة حول التحرش الجنسي والموافقة والاندماج الاجتماعي، بالإضافة إلى ورش عمل تهدف إلى تعزيز الوعي حول كيفية التعامل مع العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي.
المطالب السياسية والإصلاحات المنتظرة
في خطوة تجاه معالجة هذه القضية، تم اعتماد قرار سياسي في أكتوبر 2021 يهدف إلى مكافحة التحرش في التعليم العالي، ويشمل توصيات لفرض قواعد أكثر صرامة، وتحسين الإطار القانوني لمواجهة هذه الظواهر.
ويدعو العديد من الأساتذة والإداريين إلى اتخاذ تدابير هيكلية عاجلة لتحسين بيئة التعليم العالي وتقديم دعم شخصي للطلاب، مع وضع قوانين واضحة تحدد حقوق جميع الأفراد في الحرم الجامعي.
ضرورة تعزيز الثقافة الإنسانية في التعليم العالي
في مواجهة هذه الأزمة المستمرة، يدعو الطلاب والمجتمع الأكاديمي إلى اتخاذ إجراءات فورية لتعزيز بيئة تعليمية أكثر إنسانية وآمنة للجميع. حيث إن توفير الدعم الكافي، وتحسين الوعي داخل الحرم الجامعي، ووضع آليات فعالة لمكافحة التحرش والعنف، يُعد أمرًا بالغ الأهمية لضمان توفير بيئة تعليمية خالية من العنف والتحرش لجميع الأفراد.
وكالات